Archive for June, 2010

Al-Tijani, the founder of the Tijani Tareeqah, said: “No one is able to have all of his followers enter heaven without accountability or punishment, regardless of the sins they have committed, except me alone”.

Source: AlTabaqaat Al-Kubra 2/90.

The author of Tareekh Al-Noor Al-Safir 446 said:

“When I heard that my master shaikh Abdullah Al-Aydarooss, may Allah be please with him, saying: ‘Whomsoever acquires the book Ihyaa’ Uloom Addeen, and divides it into forty sections, I will guarantee him heaven’, I acquired the book with this intention, and praise belongs to Allah.

http://ahlalhdeeth.com/vbe/showthread.php?t=8

اما المفوضة ويسمون (أهل التجهيل) فهم الذين يزعمون ان صفات الله التي أخبرنا في كتابه ومن سنه رسوله صلى الله عليه وسلم – غير مفهومه وليس لها أي دلالة ومعنى! غير سبعه? صفات! ?

ويلزمهم لوازم شنيعه من بينها تجهيل النبي! صلى! الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وهذا لازم لا محيد لأهل التفويض عنه إذ هو مقتضى مذهبهم … حيث يستدلون بقوله ((وما يعلم تأويله إلا الله))

فحين يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((يطوي الله السموات ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول: أنا الملك ..)) قال هذا الكلام وهو لا يعقله!

ولا يفهم معناه وكذلك الصحابة الذين استمعوا إليه ونقلوا كلامه والتابعين الذين تلقوا هذا الكلام كل منهم ينقل هذا الكلام وهي مجرد ألفاظ وطلاسم لا تدل على شيء عنده!
كما أن تحكمهم بعدد الصفات الغير مفوضة قول على الله بغير علم

هذا بإختصار ..
والله أعلم

http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=2462

التعريف :

القرامطة حركة باطنية هدامة تنتسب إلى شخص اسمه حمدان بن الأشعث ويلقب بقرمط لقصر قامته وساقيه وهو من خوزستان في الأهواز ثم رحل إلى الكوفة . وقد اعتمدت هذه الحركة التنظيم السري العسكري ، وكان ظاهرها التشيع لآل البيت والانتساب إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وحقيقتها الإلحاد والإباحية وهدم الأخلاق والقضاء على الدولة الإسلامية .

التأسيس وأبرز الشخصيات :

· يتضح لنا تطور الحركة من خلال دراسة شخصياتها الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون المجوسية وتركوا أثراً بارزاً على سيرهم وتشكلها عبر مسيرة طويلة من الزمن :

– بدأ عبد الله بن ميمون القداح رأس الأفعى القرامطية بنشر المبادئ الإسماعيلية في جنوب فارس سنة 260هـ .

– ومن ثم كان له داعية في العراق اسمه الفرج بن عثمان القاشاني المعروف بذكرويه الذي أخذ يبث الدعوة سراُ .

– وفي سنة 278 هـ نهض حمدان قرمط بن الأشعث يبث الدعوة جهراً قرب الكوفة ثم بنى داراً سماها دار الهجرة وقد جعل الصلاة خمسين صلاة في اليوم .

– هرب ذكرويه واختفى عشرين عاماً ، وبعث أولاده متفرقين في البلاد يدعون للحركة .

– استخلف ذكرويه أحمد بن القاسم الذي بطش بقوافل التجار والحجاج وهزم في حمص وسيق ذكرويه إلى بغداد وتوفي سنة 294هـ .

· قام بالأمر بعده ابنه سليمان بن الحسن بن بهرام ويعرف بأبي طاهر الذي استولى على كثير من بلاد الجزيرة العربية ودام ملكه فيها 30 سنة ، ويعتبر مؤسس دولة القرامطة الحقيقي ومنظم دستورها السياسي الإجتماعي ، بلغ من سطوته أن دفعت له حكومة بغداد الاتاوة ومن أعماله الرهيبة أنه :

– فتك هو ورجاله بالحجاج حين رجوعهم من مكة ونهبوهم وتركوهم في الفقر حتى هلكوا .

– ملك الكوفة أيام المقتدر 295-320هـ لمدة ستة أيام استحلها فيهم .

– هاجم مكة عام 319هـ ، وفتك بالحجاج ، وهدم زمزم ، وملأ المسجد بالقتلى ، ونزع الكسوة ، وقلع البيت العتيق ، واقتلع الحجر الأسود ، وسرقه إلى الأحساء ، وبقي الحجر هناك عشرين سنة إلى عام 339هـ .

· توفي سليمان فآلت الأمور لأخيه الحسن الأعصم الذي قوي أمره واستولى على دمشق سنة 360هـ ، ثم توجه إلى مصر ودارت معارك مع الخلافة الفاطمية ،لكن الأعصم ارتد وانهزم القرامطة وتراجعوا إلى الأحساء .

· خلع القرامطة الحسن لدعوته لبني العباس ، أسند الأمر إلى رجلين هما جعفر وإسحاق اللذان توسعا ثم دار الخلاف بينهما وقاتلهم الأصفر التغلبي الذي ملك البحرين والأحساء وأنهى شوكتهم ودولتهم .

· وللمجتمع القرمطي ملامحه المتميزة إذ تشكلت في داخله أربع طبقات اجتماعية متميزة :

– الطبقة الأولى : وتسميهم رسائل إخوان الصفا ” الإخوان الأبرار الرحماء ” وتشمل الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين خمس عشرة وثلاثين سنة . وهم ممن على استعداد لقبول الأفكار القرمطية عقيدة وتمثلاُ في نفوسهم .

– الطبقة الثانية : ويعرفون بـ”الإخوان الأخيار الفضلاء ” وتشمل من كانت أعمارهم بين الثلاثين والأربعين سنة وهي مرتبة الرؤساء ذوي السياسات ، ويكلفون بمراعاة ” الإخوان ” وتعهدهم وإظهار العطف عليهم ومساعدتهم .

– الطبقة الثالثة : وتشمل أولئك الذين هم بين الأربعين والخمسين من العمر ، ممن يعرفون الناموس الإلهي وفق المفهوم القرمطي ويتمتعون بحق الأمر والنهي ودعم الدعوة القرمطية ودفع خصومها ، وهؤلاء هم الذين ألفوا الرسائل العقائدية القرمطية وعمموها في الآفاق .

– الطبقة الرابعة : ويطلق على أصحاب هذه الطبقة اسم ” المريدون ” ثم ” المعلمون ” ثم ” المقربون ” إلى الله وتشمل من تجاوزت أعمارهم الخمسين سنة ؛ وهي أعلى المراتب القرمطية ، من يبلغها يكون في نظر هذه الفرقة من الناموس والطبيعة ويصبح من أهل الكشف اللدني إذ يستطيع رؤية أحوال القيامة من البعث والنشور والحساب والميزان …

الأفكار والمعتقدات :

· حينما قام القرامطة بحركتهم أظهروا بعض الأفكار والآراء التي تزعمون أنهم يقاتلون من أجلها ، فقد نادوا بأنهم يقاتلون من أجل آل البيت ، وإن لم يكن آل البيت قد سلموا من سيوفهم .

· ثم أسسوا دولة شيوعية تقوم على شيوع الثروات وعدم احترام الملكية الشخصية .

· يجعلون الناس شركاء في النساء بحجة استئصال أسباب المباغضة فلا يجوز لأحد أن يحجب امرأته عن إخوانه وأشاعوا أن ذلك يعمل زيادة الألفة والمحبة ( وهذا ما كان عليه المزدكيون الفارسيون من قبل ) .

· إلغاء أحكام الإسلام الأساسية كالصوم والصلاة وسائر الفرائض الأخرى .

· استخدام العنف ذريعة لتحقيق الأهداف .

· يعتقدون بإبطال القول بالمعاد والعقاب وأن الجنة هي النعيم في الدنيا والعذاب هو اشتغال أصحاب الشرائع بالصلاة والصيام والحج والجهاد .

· ينشرون معتقداتهم وأفكارهم بين العمال والفلاحين والبدو الجفاء وضعفاء النفوس وبين الذين يميلون إلى عاجل اللذات ، وأصبح القرامطة بذلك مجتمع ملاحدة وسفاكين يستحلون النفوس والأموال والأعراض .

· يقولون بالعصمة وإنه لا بد في كل زمان من إمام معصوم يؤول الظاهر ويساوي النبي في العصمة ، ومن تأويلاتهم :

– الصيام : الامساك عن كشف السر .

– البعث : الاهتداء إلى مذهبهم .

– النبي : عبارة عن شخص فاضت عليه من الإله الأول قوة قدسية صافية .

– القرآن : هو تعبير محمد عن المعارف التي فاضت عليه ومركب من جهته وسمي كلام الله مجازاً .

· يفرضون الضرائب على أتباعهم إلى حد يكاد يستغرق الدخل الفردي لكل منهم .

· يقولون بوجود إلهين قديمين أحدهما علة لوجود الثاني ، وأن السابق خلق العالم بواسطة التالي لا بنفسه ، الأول تام والثاني ناقص ، والأول لا يوصف بوجود ولا عدم فلا هو موصوف ولا غير موصوف .

· يدخلون على الناس من جهة ظلم الأمة لعلي بن أبي طالب وقتلهم الحسين .

· يقولون بالرحمة وأن علياُ يعلم الغيب فإذا تمكنوا من الشخص أطلعوه على حقيقتهم في إسقاط التكاليف الشرعية وهدم الدين .

· يعتقدون بأن الأئمة والأديان والأخلاق ليست إلا ضلالاً .

· يدعون إلى مذهبهم اليهود والصابئة والنصارى والمجوسية والفلاسفة وأصحاب المجون والملاحدة والدهريين ، ويدخلون على كل شخص من الباب الذي يناسبه .

الجذور الفكرية والعقائدية :

· فلسفتهم مادية تسربت إليها تعاليم الملاحدة والمتآمرين من أئمة الفرس .

· تأثروا بمبادئ الخوارج الكلامية والسياسية ومذاهب الدهرية .

· يتعلقون بمذاهب الملحدين من مثل مزدك وزرادشت .

· أساس معتقدهم ترك العبادات والمحظورات وإقامة مجتمع يقوم على الإباحية والشيوع في النساء والمال .

· فكرتهم الجوهرية هي حشد جمهور كبير من الأنصار ودفعهم إلى العمل لغاية يجهلونها .

الانتشار ومواقع النفوذ :

دامت هذه الحركة قرابة قرن من الزمان ، وقد بدأت من جنوبي فارس وانتقلت إلى سواد الكوفة والبصرة وامتدت إلى الأحساء والبحرين واليمن وسيطرت على رقعة واسعة من جنوبي الجزيرة العربية والصحراء الوسطى وعمان وخراسان . وقد دخلوا مكة واستباحوها واحتلوا دمشق ووصلوا إلى حمص والسلمية . وقد مضت جيوشهم إلى مصر وعسكرت في عين شمس قرب القاهرة ثم انحسر سلطانهم وزالت دولتهم وسقط آخر معاقلهم في الأحساء والبحرين . هذا ومما يلاحظ الآن أن هناك كتابات مشبوهة تحاول أن تقدم حركة القرامطة وغيرها من حركات الردة على أنها حركات إصلاحية وأن قادتها رجال أحرار ينشدون العدالة والحرية .

ويتضح مما سبق :

أن هذه الحركة كان هدفها محاربة الإسلام بكل الوسائل وذلك بارتكاب الكبائر وهتك الأعراض وسفك الدماء والسطو على الأموال وتحليل المحرمات بين أتباعهم حتى يجمعوا عليهم أصحاب الشهوات والمراهقين وأسافل الناس ، وتعتبر عقائدها نفسها عقائد الإسماعيلة في خلاف في بعض النواحي التطبيقية التي لم يستطيع الإسماعيلة تطبيقها خوفاً من ثورة الناس عليهم ويخرجهم من حظيرة الإسلام عقائدهم التالية :

أولاً : اعتقادهم باحتجاب الله في صورة البشر .

ثانياً : قولهم بوجود إلهين .

ثالثاً : تطبيقهم مبدأ إشاعة الأموال والنساء .

رابعاً : عدم التزامهم بتعاليم الإسلام في قليل أو كثير .

خامساً : فساد عقيدتهم في الوحي والنبوة والرسالة .

سادساً : انتهاكهم حرمات الإسلام بالاعتداء على الحجيج واقتحام الكعبة ونزع الحجر الأسود ونقله إلى مكان آخر .

سابعاً : إنكارهم للقيامة والجنة والنار .

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=2462

Then a group of people – i.e. from the Sufis – came and began to speak to them concerning hunger, poverty, whisperings and notions. And they authored books on these subjects, as was the case with Al-Haarith Al-Muhaasibee.

Then another group of people came (afterward) that revised the way of Sufism, characterizing it with attributes by which they distinguished it (from its original state), such as: wearing old tattered clothes, hearing (music), bursting out in passionate emotions, dancing and clapping. And they particularized themselves by exceeding in cleanliness and purification.

Then this matter (Sufism) continued to flourish, and their shaikhs began to fabricate stories for them and speak about their mystical occurrences. This affirmed their remoteness from the scholars. Rather, this even affirmed their view that what they were upon was the most complete forms of knowledge, such that they named it the hidden knowledge (al-‘ilm-ul-baatin), while making knowledge of the Religion, apparent knowledge (al-‘ilm-uhd-dhaahir).

Among them were those whose severity in hunger brought them to fancy corrupt notions. So they would claim strong love and passion for the truth. It was as if they imagined a figure with a beautiful appearance and thus fell madly in love with it. These individuals linger between disbelief and innovation.

Then these people divided into various orders and their beliefs grew corrupt. So among them were those who held the view that Allaah is incarnate in His creation (hulool), and those who held the view that the Creator and creation were in reality one existence (Ittihaad)!

And the Devil did not stop speaking to them about different types of innovations until they made them into aspects of the Sunnah.

Then there came Abu ‘Abdir-Rahmaan As-Sulamee who wrote a book for them called ‘as-Sunan.’ He also compiled a book for them called ‘Haqaa’iq-ut-Tafseer’, in which he mentioned amazing things about them (i.e. Sufis) concerning their interpretation of the Qur’aan, based on the (mystical things) that occurred to them, without tracing that back to any of the sources where knowledge is derived from. And indeed, what brought them to take such things and place them as their views was their state of daze, due to their strict abstinence of food and their love for talking at great lengths of the Qur’aan.

Abu Mansoor ‘Abdur-Rahmaan Al-Qazaaz informed us that: Abu Bakr Al-Khateeb informed us, saying: Muhammad bin Yoosuf Al-Qattaan An-Naisaburee said to me: “Abu ‘Abdir-Rahmaan As-Sulamee is not reliable. He was not able to hear anything except for a few sounds, due to deafness. So when the ruler Abu ‘Abdillaah bin Al-Bay’ died, he began to narrate hadeeth on the authority of Al-A’asam from Taareekh Yahyaa Ibn Ma’een as well as other books besides it. And he would fabricate ahaadeeth for the Sufis.”

Abu Nasr As-Siraaj wrote a book for them called ‘Lum’-us-Soofiyyah’ in which he stated horrendous beliefs and hideous statements that we will mention later in more detail, by the Will of Allaah.

And Abu Taalib Al-Makkee wrote the book Qoot-ul-Quloob in which he mentioned fabricated ahaadeeth and narrations that cannot be traced back to any source with regard to the subject of prayers during the days and nights and other subjects. He also mentioned false doctrines in it and constantly repeated statements such as: “Some of the mukaashifeen (those to whom Allaah has disclosed secrets of hidden realities) have stated…” These types of words are empty and pointless. He also mentions in it, relating from some Sufis, that Allaah reveals aspects of the hidden matters to his “saints” in this world.

Abu Mansoor Al-Qazaaz informed us: Abu Bakr Al-Khateeb informed us, saying: Abu Taahir Muhammad bin al-‘Ullaaf said: “Abu Taalib Al-Makkee entered the city of Basrah after the death of Abul-Husayn bin Saalim and ascribed to his views. The he traveled to Baghdad and the people gathered around him in the place of admonition to hear from him. So he began to speak but got confused and began to mix up his words. It was memorized from him that he said: ‘There is nothing more harmful to the creation than the Creator.’ So the people declared him an innovator and deserted him completely. Afterward, he was prevented from speaking to the people.”

Al-Khateeb said: “Abu Taalib Al-Makkee wrote a book in the language of the Sufis called Qoot-ul-Quloob in which he mentioned many horrendous and repugnant things concerning Allaah’s Attributes.”

Then there came Abu Nu’aim Al-Asbahaanee who wrote a book for them called ‘Hilyat-ul-Awliyaa’, in which he mentioned many evil and despicable things on the laws of Sufism. And he had no shame in stating that Abu Bakr, ‘Umar, ‘Uthmaan and ‘Alee, as well as the rest of the high-ranking Companions, were from among the Sufis! So in this book, he spoke of amazing things that occurred to them. He also mentioned Shuraih Al-Qaadee, Al-Hasan Al-Basree, Sufyaan Ath-Thawree and Ahmad bin Hanbal as being from among them (i.e. the Sufis). Similarly, in ‘Tabaqaat-us-Soofiyyah‘, As-Sulamee mentioned Fudail (bin ‘Iyyaad), Ibraaheem bin Adham and Ma’roof Al-Kurkhee as being from among the Sufis, by pointing out that they were individuals who abstained from the worldly life and its luxuries (zuhd).

Sufism is a way that is well known for exceeding in abstinence of worldly luxuries (zuhd). What shows the difference between them (i.e. scholars above, and the Sufis) is that no one ever condemned abstinence (zuhd), whereas Sufism was condemned because of what we will mention later.

‘Abd-ul-Kareem bin Hawaazin Al-Qushayree wrote a book for them called ‘ar-Risaalah’, in which he mentioned many far-fetched and mystical things such as talk on al-fanaa(annihilation) and al-baqaa (subsistence), al-qabd (contraction), al-bast (expansion), al-waqt (the moment), al-haal (ecstasy), al-wajd (finding) and al-wujood (existence), al-jam’ (union) and tafaruqqah (separation), as-sahu (clarity) and as-sakr (drunkenness), adh-dhawq (taste) and ash-sharab (drink), al-mahu (effacement) and al-ithbaat(affirmation), at-tajallee (manifestation) and al-muhaadarah (presence), al-mukaashafah (unveiling) and al-lawa’ihat-tawaali’ and al-lawaami’at-takween and at-tamkeen,ash-sharee’ah and al-haqeeqah (reality),[1] and other insanities that do not amount to anything. And his tafseer is even more bizarre than this!

Then there came Muhammad bin Taahir Al-Maqdisee who wrote ‘Safwat-ut-Tasawwuf‘ for them, in which he stated things that any person with common sense would feel ashamed to mention! We will mention what is proper from its subjects, with the Will of Allaah.

Then there came Abu Haamid Al-Ghazaalee who wrote the book ‘Ihyaa ‘Uloom-ud-Deen‘ for them, according to the methodology of the (Sufi) people, which he filled with baseless ahaadeeth even though he knew well they were baseless. He spoke about knowledge of the Mukaashafah (unveiling of unseen by Allaah to Sufis) and withdrew from the principles of Fiqh. And he stated such things as: ‘Indeed the stars, the sun and the moon, which Ibraaheem saw, were in fact lights that screened Allaah!’ Such things are not mentioned in any of the sources of knowledge. Rather, this is from the types of speech of the Baatiniyyah.

He (Al-Ghazaalee) also said in the book ‘Al-Mufsih bil-Ahwaal‘: “While in their state of wakefulness, the Sufis are able to witness the angels and souls of the prophets, hear their voices and take hold of benefit from them. Then this condition escalates from the witnessing (of their) images to levels in which they are contained within these domains.”

The factors that caused these individuals to write these books was their little knowledge of the Sunnah, Islaam and the narrations, as well as their dedication for what they approved of from the way of the people (Sufis). They only approved this way because of adoration for abstinence (zuhd) that was established in their souls. They did not see any condition better than the condition of these people (Sufis) in regards to appearance, nor any speech more pleasant than their speech, whereas in the biographies of the Salaf, they found a form of harshness. So the people inclined very strongly towards these individuals (Sufis).

This was due to what we stated previously, that it was a way, which was characterized outwardly by cleanliness and worship, whereas on the inside, it was about indulging in leisure and hearing music, which the bodily dispositions incline to. The original Sufis would flee from the leaders and authorities. However (in later times) they became friends.

The majority of these books that were compiled for them have things in them that cannot be traced back to any (authentic) source. Rather, they are only based on mystical occurrences that befell some of them, which they managed to take hold of and record. They called this hidden knowledge (al-‘ilm-ul-baatin). Abu Ya’qoob Ishaaq bin Hayya said: “I heard Ahmad bin Hanbal once when asked about the occurrence of delusions and notions, so he replied: ‘The Sahaabah and the Taabi’een never spoke about such things.’

Footnotes:

[1] Translator’s Note: These are names for Sufi concepts and beliefs. Some of them have been defined as such: Fanaa: (Annihilation) A state in which the mureed (Sufi) becomes so absorbed in dhikr that he becomes unaware of himself and his surroundings and is at tranquility with the remembrance of his Lord, negating or annilihating his self. Bast (Expansion) and Qabd (Contraction) refer to the various degrees of relative union and separation from the Creator. Baqaa: The consciousness of survival in Allaah. Waqt: (Time) The moment in which someone becomes conscious of the reality and the Creator; the mureed is neither in the past or the future. Mukaashafah: (Unveiling) The state in which the Truth (Allaah) and the Unseen become revealed to the Sufi. Tajallee: (manifestation) the state in which Allaah manifests revelation to the Sufi. Sakr: (Drunkenness) A state in which the mureed is absorbed in the hidden matters to the point that the common person cannot understand him. Wajd: (Finding) State of ecstasy in which the Sufi finds the realization and presence of Allaah, usually after hearing (Samaa) dhikr. Jam’: (Union) A state in which the Sufi only sees the Truth (Allaah) without the creation. Muhaadarah: (Presence) Being in the presence of Allaah. Tafarruqah or Farq: (Separation) When the Sufi in the state of Fanaa sees the creation (i.e. himself), the opposite of Jam’. And Allaah knows best.

http://www.ahlalhdeeth.com/vbe/showthread.php?t=7

Al-Imam ibn Al-Haaj Al-Maliki is one of the scholars who Al-Hafiz Ibn Hajar transmitted a lot [of his views] in his book Fath Al-Bari. From the most famous of his works is his book “Al-Madkhal”, in which he refuted many of the innovations of the Sufis.

He said [May Allah have mercy on him] in his book “Al-Madkhal” (3/99) while talking about Sufis and the innovation of singing and dancing, the following:

“It was mentioned that some people asked for a fatwa in the year 661 H, and sought and collected the opinions of the four Mazhabs in this matter, and its wording is:

“What is the opinion of the masters of Fiqh, the Imams of this Religion, and the Scholars of the Muslims – May Allah grant them success to His obedience, and assist them in what Pleases Him – in a group from among the Muslims, who arrived to a city and headed to the Masjid, and started clapping, singing, and dancing, once with their hands and in another time using Doufs and Shababah. Is such an act Islamically permissible in a Masjid, answer us – May Allah the Exalted reward you and have mercy on you?

The Shafi’is said: Samaa’ (Listening [to the above mentioned]) is a Detested form of play which is similar to Batil (Falsehood), and whoever says by it (i.e. agrees on it and accepts it), his testimony would be rejected (Turad Shahadatuh), and Allah knows best.

The Malikis said: The rulers and the ones responsible should restrain and prevent them [from this], and eject them (expel them) from the Masjids until they Repent and Return [to Allah], and Allah knows best.

The Hanbalis said: Whoever does this, one should not pray behind him, and his testimony should not be accepted, and his ruling should not be accepted even if he was a judge/ruler, and if he performs a marriage ‘Aqd (contract) then it is Fasid (Void), and Allah knows best.

The Hanafis said: The rug that they dance on is not to be prayed on until it is washed, and the earth that they dance on is not to be prayed on until its sand is dug and thrown away, and Allah knows best.”

http://www.ahlalhdeeth.com/vbe/showpost.php?p=4471&postcount=14

كما ذكر الأخ الفاضل فهذاديدن الرافضة أعداء ملة الإسلام !! وإليك الرد على ما يثيرونه من شبهات حول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها .. من كتاب ( بل ضللت ) في الرد على الجاهل ( التيجاني الرافضي )

************************************************** ***********************************

أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها شرفها الله سبحانه بأن تكون زوجة لخير خلق الله محمد =+ نالت من هذا المجترىء الكذّاب أشد المطاعن وأعظمها وها أنا سوف أسرد هذه المطاعن راداً عليه وذاباً عن خير نساء الأرض التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم (( فضـل عـائشة على النسـاء، كفضـل الثريـد على سائر الطعام ))(1)، وقال لها (( إنه لَيُهوَّن عليَّ الموت أنْ أُريتُكِ زوجتي في الجنة، يعني عائشة ))(2) فأقول وبالله التوفيق:

أولاًـ ادعى التيجاني على عائشة أنها أول من غير في الصلاة وقد فندت هذه الحجة المكذوبة في موضعها فلتراجع(3).

ثانياًـ ادعاء التيجاني على عائشة في الفتنة والرد عليه في ذلك:

يقول التيجاني (( ونتساءل عن حرب الجمل التي أشعلت نارها أم المؤمنين عائشة إذ كانت هي التي قادتها بنفسها، فكيف تخرج أم المؤمنين عائشة من بيتها التي أمرها الله بالإستقرار فيه بقوله تعالى { وقرن في بيوتكنّ ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى }. ونسأل بأي حق استباحت أم المؤمنين قتال خليفة المسلمين علي بن أبي طالب. وهو ولي كل مؤمن ومؤمنة. وكالعادة وبكل بساطة يجيبنا علماؤنا بأنها لا تحب الإمام علياً لأنه أشار على رسول الله بتطليقها في حادثة الفك، ويريد هؤلاء إقناعنا بأن هذه الحادثة ( إن صحّت ) وهي إشارة علي على النبي بتطليقها كافية بأن تعصي أمر ربّها وتهتك ستراً ضربه عليها رسول اللـه، وتركب جملاً نهاها رسول الله أن تركبه وحذّرها أن تنبحـها كلاب الحـواب، وتقطع المفاسات البعيدة مـن المدينـة إلى مكة ومنهـا إلى البصرة، وتستبيح قتـل الأبرياء ومحاربة أمير المؤمنين والصحـابة الذيـن بايعـوه، وتسبّب في قتل ألوف المسلمين كما ذكر ذلك المؤرخون كل ذلك لأنها لا تحبّ الإمام علياً الذي أشار بتطليقها ومع ذلك لم يطلقها النبي ))(4)،

أقول:

1ـ إن أهل السنة في هذا الباب وغيره قائمون بالقسط شهداء لله، وقولهم حق وعدل لا يتناقض. وأما الرافضة ففي اقوالهم من التناقضات الشيء الكثير ـ وقد ذكرنا أمثلة كثيرة من كتاب التيجاني نفسه ـ وذلك أن أهل السنة عندهم أن أهل بدر كلهم في الجنة، وكذلك أمهات المؤمنين: عائشة وغيرها، وأبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وطلحة والزبير هم سادات أهل الجنة بعد الأنبياء، وأهل السنة يقولون: إن أهل الجنة ليس من شرطهم سلامتهم عن الخطأ، بل ولا عن الذنب، بل يجوز أن يذنب الرجل منهم ذنباً صغيراً أو كبيراً ويتوب منه، وهذا متفق عليه بين المسلمين.وإذا كان هذا أصلهم فيقولون:

ما يذكر عن الصحابة من السيئّات كثير منه كذب، وكثير منه كانوا مجتهدين فيه، ولكن لم يعرف كثير من الناس وجه اجتهادهم، وما قدّر أنه كان فيه ذنب من الذنوب لهم فهو مغفور لهم: إما بتوبة، وإما بحسنات ماحية، وإما بمصائب مكفّرة، وإما بغير ذلك، فإنه قد قام الدليل الذي يجب القول بموجبه: أنهم من أهل الجنة، فامتنع أن يفعلوا ما يوجب النار لا محالة، وإذا لم يمت أحد منهم على موجب النار لم يقدح ما سوى ذلك في استحقاقهم الجنة.

ونحن قد علمنا أنهم من أهل الجنة، ولو لم يعلم أن أولئك المعينين في الجنة لم يجز لنا أن نقدح في استحقاقهم للجنة بأمور لا نعلم أنها توجب النار، فإن هذا لا يجوز في آحاد المؤمنين الذين لم يعلم أنهم يدخلون الجنة، ليس لنا أن نشهد لأحد منهم بالنار لأمور محتملة لا تدل على ذلك، فكيف يجوز مثل ذلك في خيار المؤمنين، والعلم بتفاصيل أحوال كل واحد منهم باطناً وظاهراً وحسناته وسيئاته واجنهاداته، أمر يتعذر علينا معرفته؟!

فكان كلامنا في ذلك كلاماً فيما لا نعلمه، والكلام بلا علم حرام، ولهذا كان الإمساك عما شجر بين الصحابة خيراً من الخوض في ذلك بغير علم بحقيقة الأحوال، إذ كان كثير من الخوض في ذلك ـ أو أكثره ـ كلاماً بلا علم، وهذا حرام لو لم يكن فيه هوىً ومعارضة الحق المعلوم، فكيف إذا كان كلاماً بهوىً يطلب فيه دفع الحق المعلوم؟! فمن تكلّم بهذا الباب بجهل أو بخلاف ما يعلم من الحق كان مستوجباً للوعيد، ولو تكلّم بحق لقصد إتباع الهوى لا لوجه الله تعالى، أو يعارض به حقاً آخر لكان أيضاً مستوجباً للذّم والعقاب، ومن علم ما دل عليه القرآن والسنة من الثناء على القوم، ورضى الله عنهم واستحقاقهم الجنة وأنهم خير هذه الأمة التي هي خير أمـة أخرجت للناس، لم يعارض هذا المتيَقَّن المعلوم بأمور مشتبهه:

منها مالا يعلم صحته ومنها ما يتبين كذبه، ومنها مالا يعلم كيف وقع ومنها ما يعلم عذر القـوم فيه، ومنها ما يعلم توبتهم منه، ومنها ما يعلم أن لهم من الحسنات ما يغمـره، فمن سلك سبيل أهل السنة استقام قوله وكان من أهل الحـق والاستقامة والاعتدال، وإلا حصل في جـهل وكذب وتناقض كحال هؤلاء الضلال ))(5).

2ـ أما أن عائشة أشعلت حرب الجمل فهذا من أبين الكذب، لأن عائشة لم تخرج للقتال، بل خرجت للإصلاح بين المسلمين واعتقدت في خروجها مصلحـة ثم ظهـر لها أن عـدم خـروجها هـو الأسلم لذلك ندمت على خروجها، وثبت عنها أنها قالت (( وددت أني كنت غصنا رطباً ولم أسر مسيري هذا ))(6)

وعلى فرض أن عـائشـة قاتلت عليّ مع طلحة والزبير، فهذا القتال يدخل في قوله تعالى { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداها على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسـطين، إنمـا المؤمنـون إخـوة فأصلـحوا بين أخـويْكُم } ( الحجرات 9ـ 10 ) فأثبت لهم الإيمان مع أنهم قاتلوا بعضهم بعضاً وإذا كانت هذه الآية يدخل فيها المؤمنين فالأولى دخول هؤلاء المؤمنون أيضاً.

3ـ أما قـوله ( فكيف تخـرج أم المؤمنـين عائشة من بيتها التي أمرها اللـه بالاستقرار فيه بقوله تعالى { وقرن في بيوتكن ولا تبرّجْنَ تبرُّج الجاهليةِ الأُلى } )

فجواباً على ذلك أقول:

أ ـ أن عائشة رضي الله عنها بخروجها هذا لم تتبرج تبرّج الجاهلية الأولى!

ب ـ (( والأمر بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة مأمور بها، كما لو خرجت للحج والعمرة أو خرجت مع زوجها في سفرة، فإن هذه الآية نزلة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وقد سافر بهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، كما سافر في حجة الوداع بعائشة رضي الله عنها وغيرها، وأرسلها مع عبد الرحمن أخيها فأردفها خلفه، وأعمرها من التنعيم، وحجة الوداع كانت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأقل من ثلاثة أشهر بعد نزول هذه الآية، ولهذا كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يحججن كما كنّ يحججن معه في خلافة عمر رضي الله عنه وغيره، وكان عمر يوكل بقطارهن عثمان أو عبد الرحمن بن عوف، وإذا كان سفرهن لمصلحة جائزاً فعائشة اعتقدت أن ذلك السفر مصلحة للمسلمين، فتأولت في ذلك ))(7).

4ـ أما ادعاؤه أن عائشة استباحت قتال عليّ بن أبي طالب لأنها لا تحب علياً، والسبب أنه أشار على رسول الله =+ بتطليقها في الإفك وأن هذا هو جواب علماء أهل السنة!

فأقول:

أ ـ إذا كان هذا هو جواب علماء اهل السنة فهلاّ سقت لنا يا تيجاني قولاً لواحد منهم أم أن الكذب تجاوز معك أعلى الحدود، بحيث لا تذكر قضية إلا وتُطَعِّمَها بالباطل والبهتان.

ب ـ وأما حديث الإفك الذي برّأ الله فيه أم المؤمنين من فوق سبعة أعظم، ففي جزء منه يطلب النبي =+ استشارة بعض أصحابه في فراق عائشة فيكون رأي عليّ بقوله (( لم يضيّق اللـه عليك والنساء سواها كثير، وسل الجارية تصدقك ))(8) وعلـيّ بقوله هذا لم يشر عليه بترك عائشة لشيء فيها ـ معاذ الله ـ ولكنه لما رأى شدّة التأثر والقلق على النبي =+ فأحب راحته فأشار عليه بذلك وهو يعلم أنه يمكن مراجعتها بعد التحقق من براءتها، أو بسؤال الجارية لأن في ذلك راحة له أيضاً ولم يجزم عليه بفراقها وهذا واضح من كلام عليّ رضي الله عنه، لذلك يقول ابن حجر (( وهذا الكلام الذي قاله علي حمله عليه ترجيح جانب النبي =+ لما رأى عنده من القلق والغم بسبب القول الذي قيل، وكان =+ شديد الغيرة فرأى عليّ أنه إذا فارقها سكن ما عنده من القلق بسببها إلى أن يتحقق براءتها فيمكن رجعتها ويستفاد منه ارتكب أخف الضررين لذهاب أشدهما ))(9) ويقول النووي (( هذا الذي قاله عليّ رضي الله عنه هو الصواب في حقه، لأنه رآه مصلحة ونصيحـة للنبـي =+ في اعتقاده، ولم يكن ذلك في نفس الأمر لأنه رأى انزعاج النبي =+ بهذا الأمر وتقلقـه فأراد راحـة خاطره وكان ذلك أهم من غيره ))(10)، وقال الشيخ أبـو محمد بن أبـي جمرة (( لم يجزم عليّ بالإشارة بفراقها لأنه عقب ذلك بقوله ( سل الجارية تصدقك ) ففوض الأمر في ذلك إلى نظر النبي =+، فكأنه قال: إن أردت تعجيل الراحة ففارقها، وإن أردت خلاف ذلك فابحث عن حقيقة الأمر إلى أن تطلع براءتها، لأنه كان يتحقق أن بريرة لا تخبره إلا بما علمته، وهي لم تعلم من عائشة إلا البراءة المحضـة))(11).

5ـ أما قوله ( ويريد هؤلاء إقناعنا بأن هذه الحادثة ـ إن صحت ـ وهي إشارة علي على النبي بتطليقها كافية بأن تعصي أمر ربها وتهتك ستراً ضربه عليها رسول الله، وتركب جملاً نهاها رسول الله ان تركبه وحذّرها ان تنبحها كلاب الحوأب، وتقطع المسافات البعيدة من المدينة إلى مكة ومنها إلى البصرة، وتستبيح قتل الأبرياء ومحاربة أمير المؤمنين والصحابة الذين بايعوه، وتسبب في قتل ألوف المسلمين كما ذكر ذلك المؤرخون ) ويشير بالهامش إلى هؤلاء المؤرخين ( الطبري وابن الأثير والمدائني وغيرهم من المؤرخين الذين أرّخوا حوادث سنة ست وثلاثين للهجرة)(12)،

وجواباً على ذلك أقول:

أ ـ لو راجعنا تاريخ الطبري الذي أرّخ حوادث سنة ست وثلاثين للهجرة لما وجدناه يروي عن هذه الحادثة مثل ما يقول هذا التيجاني، مع أنه يذكر الكثير من الروايات التي تتحدث عن وقعة الجمل فيروي خلاف ما يقوله التيجاني ويثبت أن عائشة جاءت مع طلحة والزبير من أجل الإصلاح، فيذكر أن علياً يبعث القعقاع بن عمرو إلى أهل البصرة يستفسرهم عن سبب خـروجهم ((… فخرج القعقاع حتى قدم البصرة، فبدأ بعائشة رضي الله عنها فسلم عليها، وقال: أي أُمّة، ما أشخصك وما أقدمك هذه البلدة؟ قالت: أي بنيّة إصلاحٌ بين الناس، قال: فابعثي إلى طلحة والزبير حتى تسمعي كلامي وكلامهما، فبعثت إليهما فجاءا، فقال: إني سألت أم المؤمنين: ما أشخصها وأقدمها هذه البلاد؟ فقالت: إصلاح بين الناس، فما تقولان أنتما؟ أمتبعان أم مخالفان؟ قالا: متابعان ))(13)، ويثبت أن المتسببين بقتل الألوف من المسلمين هم قتلة عثمان فيقول :

(( فلما نزل الناس واطمأنوا خرج عليّ وخرج طلحة والزبير فتوافقوا وتكلموا فيما اختلفوا فيه، فلم يجدوا أمراً هو أمثل من الصّلح ووضع الحرب حين رأوا الأمر قد أخذ في الانقشاع، وأنه لا يُدرك، فافترقوا عن موقفهم على ذلك، ورجع علي إلى عسكره، وطلحة والزبير إلى عسكرهما، وبعث علي من العشيّ عبد الله بن عباس إلى طلحة والزبير، وبعثاهما من العشيّ محمد بن طلحة إلى عليّ، وأن يكلم كل واحد منهما أصحابه، فقالوا: نعم، فلما أمْسوا ـ وذلك في جمادة الآخرة ـ أرسل طلحة والزبير إلى رؤساء أصحابهما، وأرسل عليّ إلى رؤساء أصحابه، ما خلا أولئك الذين هضُّموا عثمان، فباتوا على الصلح، وباتوا بليلةلم يبيتوا مثلها للعافية من الذي أشرفوا عليه، والنُّزوع عما اشتهى الذين اشتهوا، وركبوا ماركبوا، وبات الذين أثاروا أمـر عثمان بشرّ ليلة باتوها قطّ، قد أشرفوا على الهَلَكة، وجعلوا يتشاورون ليلتهم كلّها، حتـى اجتمعوا على إنشاب الحرب في السرّ، واستسرّوا بذلك خشية أن يفطن بما حاولوا من الشرّ، فغدوا مع الغلَس، وما يشعر بهم جيرانهم، انسلّوا إلى ذلك الأمـر انسلالاً، وعليهم ظلمة، فخرج مُضَريُّهم إلى مُضرِيِّهم، ورَبعيَهم إلى رَبعيِّهم، ويمانيُّهم إلى يمانيِّهم، فوضعوا فيهم السلاح، فثـار أهـل البصرة، وثـار كل قوم في وجوه أصحابهم الذين بَهَتوهم. …))(14)،

وقال الطبري أيضاً (( وقالت عائشة: خلّ يا كعب عن البعير، وتقدّم بكتاب الله عزّ وجل فادعهم إليه، ودفعت إيه مصحفاً. وأقبل القوم وأمامهم السبئيّة يخافون أن يجري الصلح، فاستقبلهم كعب بالمصحف، وعليّ من خلفهم يَزَعُهم ويأْبون إلا إقداما، فلما دعاهم كعب رشَقوه رِشقاً واحـداً، فقتلوه، ورمَوا عائشة في هودجها، فجعلت تنادي: يا بنيَّ، البقيَّة البقيَّة ـ ويعلو صوتها كثرة ـ الله الله، اذكروا الله عز وجلّ والحساب، فيأْبون إلا إقداماً، فكان أوّل شيء أحدثته حين أبوْا قالت: أيُّها الناس، العنوا قتلة عثمان وأشياعهم، وأقْبلت تدعو. وضجّ أهل البصرة بالدعاء، وسمع عليُّ بن أبي طالب الدعاة فقال: ما هذه الضجّة؟ فقالوا: عائشة تدعو ويدعون معها على قتلة عثمـان وأشياعهم، فأقبل يدعـو ويقول: اللهم العنْ قتلةَ عثمان وأشياعهم ))(15)،

وهذا هو ما أرخه أيضاً ابن الأثير في تاريخه ولم أجد كتاب المدائن، ويعضد هذه الحقيقة الروايات الصحيحة التي تثبت أن عائشة والزبير وطلحة وعليّ لم يكونوا يريدون قتال بعضهم بعضاً، ولذلك ندمت عائشة على مسيرها وقالت (( وددت أني غصناً رطباً ولم أسر مسيري هذا ))(16)، وقالت أيضـاً (( وددت أنـي كنت ثكلت عشرة مثل الحارث بن هشام وأني لم أسـر مسيري مع ابن الزبير ))(17)، فلو كانت تريد القتال دون الإصلاح فلماذا الندم؟!

ثم يقول (( فلماذا كل هذه الكراهية وقد سجّل المؤرخون لها مواقف عدائية للإمام عليّ لا يمكن تفسيرها، فقد كانت راجعة من مكة عندما أعلموها في الطريق بأن عثماناً قتل ففرحت فرحاً شديداً ولكنَّها عندما علمت أن الناس قد بايعوا علياًّ غضبت وقالت: وددت أن السماء انطبقت على الأرض قبل أن يليها ابن أبي طالب وقالت ردّوني وبدأت تشعل نار الفتنة للثورة على علي الذي لا تريد ذكر اسمه كما سجّله المؤرخون عليها، أفلم تسمع أم المؤمنين قول الرسول (ص): ( بأن حبّ علي إيمـان وبغضه نفـاق ) حتـى قـال بعض الصحابة ( كنا لا نعرف المنافقين إلا ببغضـهم لعلي ) أولم تسـمع أم المؤمـنين قول النبي ( من كنت مولاه فعلي مولاه )… أنها لا شك سمعت كل ذلك ولكنها لا تحبه ولا تذكر اسمه بل إنها لما سمعت بموته سجدت شكراً لله ))(18)،

فأقول:

1ـ قوله بأن عائشة فرحت بقتل عثمان فرحاً شديداً لا يدل إلا كذبه كذباً أكيداً! فلم يقل أحد من أهل التاريخ ذلك بل أثبتوا جميعاً أن عائشة ما خرجت إلا للقصاص من قتلة عثمان، وأنا أتساءل؟ إذا كانت عائشة فرحت لمقتل عثمان فلماذا خرجت؟ هل خرجت من أجل منع علي بن أبي طالب من تولي الخلافة؟!

التيجاني يقول نعم! وإذا سئل عن السبب فسيقول بأنها تكرهه لأنه أشار على النبي =+ بتطليقها؟! فأقول له إذا كانت عائشة تكره علياًّ فكيف نفسّر خروج الآلاف معها؟! فهل هناك سبب منطقي عند التيجاني يبين فيه سبب موافقة هؤلاء الناس لعائشة؟ أم هؤلاء يكرهونه أيضاً؟ فإذا أجاب بنعم، فأسأله.. هل من سبب لهذا الكره؟ فإن كان يملك جواباً فحيهلا، وإذا لم يملك لذلك جواباً فأُبشِّرُهُ أنه من أضل الناس!!

2ـ يدعي التيجاني أن المؤرخين سجلوا على عائشة أنها لا تريد ذكر اسم علي، وأنا أسأله من هؤلاء المؤرخون؟ فهل تستطيع أن تحددهم لنا حتى نعرف الصادق من الكاذب؟ وما هي المراجع التي عوَّلت عليها؟ ولكن الصحيح المعلوم أن عائشة ذكرت علي بملأ فمها، فعن شريح بن هانئ قال (( سألت عائشة عن المسح فقالت: إئت علياً فهو أعلم مني قال: فأتيت عليا فسألته عن المسح على الخفين قال: فقال: كان رسول الله =+ يأمرنا أن نمسح على الخفين يوماً وليلة، وللمسافر ثلاثاً ))(19)، كما أخرج مسلم بسنده إلى شريح بن هانئ قال (( أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله …ألخ ))(20).

3ـ ثم يذكـر حديثـان في فضل علي ويقول ( أولم تسمع أم المؤمنين قـول النبي ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) .. أنها لا شك سمعت كل ذلك ولكنها لا تحبه ولا تذكر اسمه بل أنها لما سمعت بموته سجدت لله شكراً )!! ،

فأقول:

أـ لقد قلت بأن عائشة لا تبغض علياً ولكنها خالفته لا لشيء إنما للطلب بدم عثمان ولم تذهب لقتاله بل ذهبت من أجل الإصلاح بين الناس لذلك ذهبت تحت رغبة الناس في محاولة للإصلاح ويذكر ابن العماد في ( شذرات الذهب ) (( وحين وصل علي إلى البصرة، جاء إلى عائشة وقال لها: غفر الله لك، قالت: ولك، ما أردت إلا الإصلاح ))(21)، ويوضح ابن العربي ذلك بقوله (( وأما خروجها إلى حرب الجمل، فما خرجت لحرب ولكن تعلّق الناس بها وشكوا إليها ما صاروا إليه من عظيم الفتنة، وتهارج الناس ورجوا بركتها في الإصلاح، وطمعوا في الاستحياء منها إذا وقفت إلى الخلق، وظنّت هي ذلك فخرجت عاملة بقول الله تعالى { لا خير في كثير من نجواهم }…الآية، { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } ))(22)، ونقل ابن حبان (( أن عائشة كتبت إلى أبي موسى ـ وهـو والي الكوفة من قبل علـيّ ـ : إنه قد كان من أمر عثمان ما قـد علمت، وقد خرجـت مصلحة بين الناس، فمر من قبلكم بالقرار في منـازلهم والرضا بالعـافية حتـى يأتيهم ما يحبّون من صلاح أمر المسلمين ))(23).

فهذا هو سبب خروج عائشة وليس بسبب بغضها لعلي فهذا من الكذب المكشوف الذي لا يستند إلى أي دليل صحيح.

ب ـ أما قوله (( … بل أنها لما سمعت بموته سجدت شكراًلله )) ثم يشير بالهامش إلى المراجـع التي استقى منها ادعاؤه هـذا وهي (( الطبري وابن الأثير والفتنة الكبرى وكـل المؤرخين الذين أرخوا حوادث سنة أربعين للهجرة ))(24)، فرجعت إلى الطبري وابن الأثير في حوادث سنة أربعين فلم أر لهذه الدعوى أثراً فلله أبوه ما أكذبه!

ثم يهذي فيقول (( ونفس السؤال يعود دائماً ويتكرر أيهم علىالحق وأيهم على الباطل، فإما أن يكون علي ومن معه ظالمين وعلى غير الحق، وإما أن تكون عائشة ومن معها وطلحة والزبير ومن معهم ظالمين وعلى غير الحق وليس هناك احتمال ثالث، والباحث المنصف لا أراه إلا مائلاً لأحقّية علي الذي يدور الحق معه حيث دار، نابذاً فتنة ( أم المؤمنين عائشة ) وأتباعها الذين أوقدوا نارها وما أطفؤوها حتى أكلت الأخضر واليابس وبقيت آثارها إلى اليوم. ولمزيد البحث وليطمئن قلبي أقول أخرج البخاري في صحيحة من كتاب الفتن باب الفتنة التي تموج كموج البحر، قال: لمّا سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة بعث علي عمار بن ياسر والحسن بن علي فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه وقام عمّار أسفل من الحسن فاجتمعنا إليه فسمعت عماراً يقول: أنّ عائشة قد سارت إلى البصرة ووالله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي ))(25)،

أقول:

أ ـ بل هناك احتمال ثالث وهو أن الطرفين قد اجتهدا للوصول للحق ولم يكن أي من الطرفين ظالماً لأن فتنة قتل عثمان فرقت الأمة إلى فرقتين فرقة ترى وجوب قتل قتلة عثمان على الفور وهم طلحة والزبير وعائشة وفرقة ترى وجوب قتل قتلة عثمان ولكن يجب التروي في ذلك حتى تتمكن الوصول لهذا الهدف لأن هؤلاء القتلة كانت لهم قبائل تدفع عنهم وهو رأي علي وأصحابه وهؤلاء القتلة هم المتسببون في وقعة الجمل وليس لكلا الفرقتين أي تسبب في إشعال المعركة كما بينت سابقا.

ً
ب ـ أما رواية البخاري التي اطمأن بها قلب التيجاني فهي من أعظم الدلائل على فضل عائشة ولكن ماذا نقول عن جاهل يحتج على أهل السنة بروايات هي حجة عليه وعلى شيعته من قبل أن تكون حجة على أهل السنة ففي الحديث يشهد عمار لأم المؤمنين رضي الله عنهما بأنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة!

أي في الجنة؟! فهل من فضل ومكرمة أعظم من ذلك وهل استحقت هذا الفضل العظيم إلا برضى الله سبحانه عنها ورسوله الكريم =+، أما بالنسبة لقول عمار فإنه من أنصار علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأراد حث الناس للخروج مع علي ولكنهم ترددوا لأن أم المؤمنين كانت في الطرف المقابل لعلي، فبين لهم أنّ الحق مع علي لأنه الخليفة، ويجب أن يطاع كما أمركم الله سبحانه وذلك قبل المطالبة بالقصاص من قتلة عثمان كما ترى أم المؤمنين ولا شك أن أم المؤمنين وطلحة والزبير كانوا يرون أن المطالبة بالقصاص من قتلة عثمان قبل الخضوع لخلافة علي هو أمر الله سبحانه وتعالى أيضاً كما بينت ذلك لعثمان بن حنيف عندما بعث يسألها عن مسيرها فقالت (( والله ما مثلي يسير بالأمر المكتوم ولا يغطّي لبنيه الخبر، إن الغوغاء من أهل الأمصار ونزّاع القبائل غزوا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدثوا فيه الأحداث، وآووْا فيه المحدثين، واستوجبوا فيه لعنة الله ولعنة رسوله مع ما نالوا من قتل إمام المسلمين بلا تِرَة ولاعذر، فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه، وانتهبوا المال الحرام وأحلّوا البلد الحرام والشهر الحرام، ومزّقوا الأعراض والجلود، وأقـاموا في دار قـوم كانوا كارهين لمقـامهم ضارّين مضرّين، غير نافعين ولا متقين، لا يقدرون على امتناع ولا يأمنون، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هـؤلاء القـوم ومـا فيه الناس وراءنا، وما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا. وقـرأت { لا خير في كثير من نجْواهُم إلا من أمَرَ بِصدقَةٍ أو معْرُوف أو إصلاحٍ بين النَّاس } ننهض في الإصلاح من أمر الله عز وجل وأمر رسول الله =+ الصغير والكبير والذكر والأنثى، فهذا شأننا إلى معروفٍ نأمركم به، ومنكر ننهاكم عنه، ونحثّكم على تغييره ))(26)، هذا وإذا أضفنا إلى ذلك أن أوّل من رشّح علياً للخلافة هم هؤلاء الغوغاء، وأنهم في جيش عليّ، ومن هنا يتضح أن كل طرف ظن أن الحق معه، وتأوّل خطأ الآخر وخرج الطرفان للإصلاح كما بينت، ولم يكونا يريدان القتال ولكنه وقع، فلله الأمر من قبل ومن بعد.

ثم يتخرّص فيقول (( كما أخرج البخاري أيضاً في كتاب الشروط باب ما جاء في بيوت أزواج النبي، قال: قام النبي (ص) خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال ههنا الفتنة، ههنا الفتنة، ههنا الفتنة من حيث يطلع قرن الشيطان ))(27)،

قلت:

1ـ فتحـت البخـاري كتاب الشروط فلم أجد الباب المذكور من ضمن كتاب الشروط، بل الحـديث موجود في أبواب الخمس، وهذا يدل أن هذه الشبهة لقّنت له تلقيناً!

2ـ والتيجـاني يحتـج بهـذا الحـديث علـى أن عائشة هي مصدر الفتن!؟ وهذا ادعاء ظاهـر البطلان، لأن النبي =+ أراد المشرق، ولـو أراد بيت عـائشة لقال الراوي ( إلى ) وليس ( نحو )، وفي رواية مسلم عن ابن عمر (( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عـائشـة فقـال: رأس الكفـر من هـا هنـا من حيث يطلع قرن الشيطان، يعني المشرق ))(28)، وعن ابن عمر أيضاً (( أنه سمع رسول اللـه صلى الله عليه وسلم وهـو مستقبل المشرق يقـول: ألا إن الفتنـة هـا هنـا، ألا إن الفتنـة هـا هنـا مـن حيـث يطلع قرن الشيطان ))(29) وحتى أقطع الشك باليقين أذكر رواية مسلم أيضاً عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عند باب حفصة ( وفي رواية عبيد الله بن سعيد: قـام رسول الله =+ عند باب عائشة ) فقال بيده نحو المشرق (( الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان، قالها مرتين أو ثلاثاً ))(30) وأظن أنه قد ظهر الحق للعيان وافتضح أولياء الشيطان!

ثم يقول (( كما أخرج البخاري في صحيحه عنها أشياء عجيبة وغريبه في سوء أدبها مع النبي حتى ضربها أبوها فأسال دمها وفي تظاهرها على النبي حتى هـدّدها الله بالطلاق وأن يبدله ربه خيراً منها وهذه قصص أخرى يطول شرحها ))(31)،

فأقول:

1ـ أما قولـه بأن البخـاري أخرج في صحيحه ما يفيد سوء أدب عائشة مع النبـي صلى الله عليه وسلم وأن أبا بكر ضربهـا حتى أسال دمها فهذا من الكذب الرخيص، إلا فلْيُرنا موضع هذه الرواية في صحيح البخاري ثم بعد ذلك فليخرج ما في قلبه من أوضار!

2ـ أما قوله ( وفي تظاهرها على النبي =+ حتى هددها الله بالطلاق وأن يبدله ربه خيراً منها ) فأجيب:

أ ـ قلت غير مرّة أن كل إنسان غير معصوم في الواقع من الذنوب، بل معرّض للوقوع في الذنوب الكبيرة والصغيرة، خلا النبيصلى الله عليه وسلم فلو وقع أحد في الذنب، عائشة أو غيرها، فليس ذلك بمستغرب لأنه ليس لأحد العصمة من ذلك، فليس من المقبول ولا من المعقول أن يجعل التيجاني من ذنبٍ وقعت فيه عائشة وتابت منه من مساوئها، ويطعن عليها وكأنها جاءت أمراً إدّا، بالضبط عندما أراد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أن يتزوج بنت أبي جهل مع فاطمة فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال في الحديث (( إن بني هاشم بن مغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن، ثم لاآذن، ثم لا آذن، إلا أن يريد بن أبي طالب أن يطلّق ابنتي وينكح ابنتهم…))(32)، وهذا كما ترى تهديد من النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ بتطليق فاطمة، إن هو أقدم على ذلك، فليس من المعقول أن يجعل هذا الأمر من مطاعن ومساوىء عليّ! إلا من هو من أشد الناس جهلاً؟

ب ـ أما قوله أن الله هددها بالطلاق وأن يبدله أي محمدصلى الله عليه وسلم خيرٌ منها فغير صحيح فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عمر رضي الله عنه قال (( اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه، فقلت لهن: عسى ربه إن طلّقكن أن يبدله أزواجاً خير منكن فنزلت هذه الآية ))(33) فالآية كما هو ظاهر ليست تهديداً وإنما تخيير من الله لنبيه =+ في التطليق لذلك سميت آية التخيير، إضافة إلى أنها لا تخص عائشة وحدها بل تشمل أيضاً بقية زوجاته، وعلى فرض أن الآية تخص عائشة وقد هدّدها الله بالطلاق فأقول هل في تهديد النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بتطليق فاطمة ما يعتبر ذمّاً؟! فإن كان كذلك فكل ما تُحَمِّله لعائشة من الطعن فسيصيب عليّ، وإن اعتبرت أن علي أخطأ مجرّد خطأ ورجع عنه وليس فيه ما يطعن عليه، فعائشة مثله تماماً فاختر ما شئت يا تيجاني!؟
ثم يتطاول في هذيانه فيقول (( وبعد كل هذا أتساءل كيف استحقت عائشة كل هذا هذا التقدير والاحترام من أهل السنة والجماعة، ألأنها زوج النبي، فزوجاته كثيرات وفيهن من هي أفضل من عائشة بتصريح النبي نفسه ـ ويشير بالهامش إلى الترمذي والاستيعاب والإصابة ـ ثم يقول … أم لأنها ابنة أبي بكر! أم لأنها هي التي لعبت الدور الكبير في إنكار وصيّة النبي لعليّ حتى قالت عندما ذكروا عندها أن النبي أوصى لعلي: قالت من قاله لقد رأيت النبي (ص) وإني لمسندته إلى صـدري فدعا بالطست فانحنت فمات فما شعرتُ فكيف أوصـى إلى علي ))(34).

فأقول لهذا الشانئ:

1ـ عائشة استحقّت كل هذا التقدير والاحترام وأكثر، من أهل السنة والجماعة لأنها زوجة النبي =+ الطيب الذي اختارها لأن تكون زوجة له لأنها طيبة أيضاً والله سبحانه يقول { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبـات، أولئك مبرّءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم } ( النور 26) قـال (( مجـاهد وعـطاء وسعيـد بن جبير والشعبي والحسن البصري وحبيب بـن أبـي ثابت والضحـاك: نزلـت في عـائشة وأهل الإفك، واختاره بن جرير الطبري ))(35)وقوله { أولئـك مبرءون ممـا يقولـون } : أي هـم بعـداء عمـا يقوله أهل الإفك والعـدوان ))(36) وعنـدما يحاول التيجاني إثبات أن عائشة خبيثة ألا يعتبر هذا من أعظم المطاعن في النبي صلى الله عليه وسلم؟! فكيف لا والله يقول { الخبيثات للخبيثين…}!!؟ ونقـدرها لأنها أمنا في الإيمان فاللـه يقول { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأزواجه أمهاتهم ..} ( الأحزاب5 )

2ـ أما قوله (( ألأنها زوج النبي، فزوجاته كثيرات وفيهن من هي أفضل من عائشة بتصريح النبي نفسه )) ثم يشير بالهامش إلى الترمذي والاستيعاب والإصابة…(37)، فأقول فتحت سنن الترمذي على أبواب الفضائل (باب) فضل عائشة فوجدت هذا الحديث عن (( عائشة قالت: كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، قالت: فاجتمع صواحباتي إلى أم سلمة فقلن: يا أم سلمة: إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير، كما تريد عائشة، فقولي لرسول الله يأمر الناس يهدون إليه أين ما كان. فذكرت ذلك أم سلمة، فأعرض عنها، ثم عاد إليها فأعادت الكلام، فقالت: يا رسول الله إنّ صواحباتي قد ذكرن أن الناس يتحرون بهداياهـم يوم عائشـة فأمـرِ الناس يهـدون أين ما كنت، فلمـا كانت الثالثـة قالت ذلك: قال: ( يا أم سلمة لا تُؤذيني في عـائشة، فإنّهُ أنزل علي الوَحـيَ وأنا في لِحافِ امرأَةٍ منْكُنَّ غيرها ) ))(38)، وعن عمرو بن العاص (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته فقلت: ( يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها ) ))(39)، وعن أنس قال (( قيل يا رسول اللـه من أحـب الناس إليك؟ قال: عائشة، قيل من الرجال؟ قال: أبوها ))(40)، وعن عبد الله بن زياد الأسدي قال (( سمعت عمار بن ياسر يقول: هي زوجته في الدنيا والآخرة ـ يعني: عائشة ))(41)، وعن انس بن مالك (( أن رسول الله =+ قال: فضل عائشة على النساء، كَفَضلِ الثَّريدِ على سائِرِ الطَّعام ))(42)، وعن عائشة قالت: قال لي رسول الله =+: إنَّ جِبْرَائيلَ يَقْرَأ عَلَيْكِ السلام، فقلت: وعليه السلام ورحمة الله ))(43)،عن أبي موسى قال (( ما اشكل علينا أصحاب رسول الله =+ حديث قط، فسألنا عائشـة، إلا وجدنـا عندها منـه علـماً ))(44)، عن موسى بن طلحة قال (( مـا رأيت أحداً أفصح من عائشة ))(45)، ثم فتحت باب فضل أزواج النبي =+ فوجدت هذا الحديث عن صفية بنت حيي قالت: (( دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغني عن حفصة وعائشة كلام، فذكرت ذلك له، فقال: ( ألا قلتِ: وكيف تكونان خيرا منِّي، وزوجي محمد، وأبي هارون، وعمي موسى ) وكأن الذي بلغها أنهم قالوا: نحن أكرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وقالوا: نحن أزواج النبي =+ وبنات عمه ))(46)، هذه هي الأحاديث الواردة في فضل عائشة وصفية

فأقول:

أ ـ لا شك أن عائشة أفضل نساء النبي صلى الله عليه وسلم لتضافر الأدلة الصريحة في ذلك والصحيحة من أصح كتب الحديث أمثال البخاري ومسلم.

ب ـ بالنسبة لحديث صفية فليس فيه ما يظهر أنها أفضل من عائشة أو حفصة لأن النبي =+ حينما قال لها ما قال أراد إسترضائها في مقابل ما ذكرته عائشة وحفصة في حقها بخلاف الأحاديث الصريحة التي يؤكد فيها النبي =+ فضل عائشة على جميع نسائه.

ت ـ أقول ذلك على فرض صحة حديث صفية ولكن الحديث ضعيف الإسناد فـ((هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث هاشم الكوفي، وليس إسناده بذلك))(47)، وأما الاستيعاب فقد ذكر في ترجمتها نفس الحديث المذكور ولم يذكر غير ذلك(48) وأما في ترجمة عائشة فقد ذكر في فضائلها الكثير فأثبت أنها من أعلم أزواج النبي =+ فيروى عن الزهري قوله (( لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواج النبي =+ وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل ))(49)، ثم ساق في إثبات أنها أحب النساء وأفضلهن عند النبي =+ حديث عمرو بن العاص، وحديث أنس اللذان سبقا قبل قليل(50). وأما الإصابة فكل الروايات التي ذكرها بالتغاضي عن صحتها لا يوجد بها حديث واحد فيه التصريح بتفضيل حفصة على عائشة إلا الحديث السابق(51).

(( والله أعلم وأحكم ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح البخاري كتاب فضائل الصحابة ـ باب ـ فضل عائشة برقم (3559) عن أنس بن مالك.
(2) زوائد الزهد لحسين المروزي جـ2 ص (207) وأحمد في المسند مختصراً جـ9 برقم (25130) ص (467) وانظر السلسلة الصحيحة جـ6 برقم (2867)
(3) راجع الكتاب ص (132).

(5) منهاج السنة جـ4 ص (309 ـ 313) بتصرف.
(6) مصنف ابن أبي شيبة جـ8 كتاب الجمل ـ في مسير عائشة ص (718).

(7) المنهاج جـ4 ص (317 ـ 318).

(8) جزء من حديث رواه البخاري كتاب التفسير ـ سورة النور برقم (4473) جـ4
(9) فتح الباري جـ8 ص (324) كتاب التفسير.
(10) مسلم مع الشرح كتاب التوبة ص (162 ـ 163).
(11) الفتح جـ8 ص (324) كتاب التفسير.

(12) ثم اهتديت ص (117).
(13) تاريخ الطبري جـ3 ص (29) سنة 36 هـ وابن الأثير جـ3 ص (122 ـ 123) سنة 36 هـ

(14) الطبري جـ3 سنة 36 هـ ص (39).
(15) المصدر السابق جـ3 سنة 36 هـ ص (43).

(16) سبق الحديث ص (356).
(17) مصنف أبي شيبة جـ8 كتاب الجمل ص (716).
(18) ثم اهتديت ص (117 ، 118).

(19) فضائل الصحابة لأحمد جـ2 برقم (1199) ص (702).
(20) صحيح مسلم مع الشرح كتاب الطهارة ـ باب ـ التوقيت في المسح على الخفين برقم (276).
(21) شذرات الذهب جـ1 ص (42) وانظر تحقيق مواقف الصحابة جـ2 ص (115).

(22) أحكام القرآن لابن العربي جـ3 ص (1536) وانظر كتاب تحقيق مواقف الصحابة جـ2 ص (116).
(23) كتاب الثقات لابن حبان جـ2 ص (282) وانظر تحقيق مواقف الصحابة جـ2 ص (115).
(24) ثم اهتديت ص (118).بالهامش

(26) تاريخ الطبري جـ3 ص (14) سنة 36 هـ
(27) ثم اهتديت ص (119).

(28) مسلم مع الشرح رقم (2905) ـ (48) كتاب الفتن ـ باب ـ الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرنا الشيطان جـ18 .
(29) مسلم مع الشرح رقم (2905) والبخاري كتاب الفتن رقم (6680).
(30) المصدر السابق وراجع بقية الأحاديث التي تذكر المشرق.
(31) ثم اهتديت ص (119).

(32) سبق الحديث ص (156).
(33) صحيح البخاري كتاب التفسير ( التحريم ) برقم (4632).

(34) ثم اهتديت ص (119 ، 120).
(35) تفسير ابن كثير جـ3 سورة النور ص (288).
(36) تفسير ابن كثير سورة النور جـ3 ص (289).
(37) ثم اهتديت ص (119).

(38) سنن الترمذي جـ5 كتاب المناقب ـ باب ـ فضل عائشة برقم (3879)
(39) سنن الترمذي برقم (3886) ورواه البخاري برقم (3462).
(40) المصدر السابق برقم (3890).
(41) سنن الترمذي برقم (3889).
(42) المصدر السابق برقم (3887).
(43) المصدر السابق برقم (3882).
(44) المصدر السابق برقم (3883) وانظر صحيح الترمذي للألباني برقم (3044).
(45) المصدر السابق برقم (3884) وانظر صحيح الترمذي للألباني برقم (3046).

(46) المصدر السابق برقم (3892).
(47) ضعيف سنن الترمذي للألباني برقم (816).
(48) الإستيعاب جـ4 حرف الصاد ص (1872).
(49) الإستيعاب جـ4 حرف العين ص (1883).
(50) نفس المصدر.
(51) راجع الإصابة جـ7 ص (739 ـ 742).

http://ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=6760&postcount=4

لا دفاعا عن الالباني فحسب بل دفاعا عن السلفية
الرد على الجهمي المعطل حسن السقاف
بسم الله الرحمن الرحيم
نتابع الردود على الجهمي المعطل حسن السقاف.

الجزء السادس والثلاثون
مواضيع الحلقة
1ـ تبرئة معاوية مما نسب إليه من الطعون

2ـ جواب عن شبهه السابقة وذكر شئ من فضائل معاوية

3ـاتهام الملحد لمعاوية بشرب الخمر

4ـاتهامه لمعاوية بقتل حجر بن عدي

5ـاتهامة لمعاوية بقتل عبدالرحمن بن خالد بن الوليد

6ـالجواب عن ذم الحسن البصري لمعاوية

6ـفتوى الإمام أحمد فيمن يطعن في معاوية

الرد على طعون الملحد في الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وعن أبيه و تبرئة معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) مما نسب إليه من الزور والبهتان
قد صرح السقاف في غير ما وضع بالحط على معاوية بن أبي سفيان ، ووصفه بالنقائص ، وكيل الشتائم له واتهامه بابشع التهم ، يدفعه إلى ذلك تشيعه – بل رفضه الشديد – وكرهه العظيم لهذا الصحابي الجليل ، الذي هو كاتب الوحي ، وخال المؤمنين ، وهذا يظهر لنا بدعة أخرى من بدع هذا السقاف ، ألا وهي الغلو في الرفض .

وقد قال في تعليقه عديم النفع (( دفع شبه التشبيه )) لابن الجوزي : ( ص : 102 ) ، وتعليق رقم : 18 : ( قال العلامة ابن الأثير في كتابه (( الكامل )) ( 3 / 487 ) : قال الحسن البصري : أربع خصال كن في معاوية، لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة : انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف حتى أخذ الأمر من غير مشورة وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة ، واستخلافه بعده أبنه – يزيد – سكيراً خميراً يلبس الحرير ويضرب بالطنابير – أي العود وهو من آلات اللهو – وادعاؤه زياداً ، وقد قال رسول الله ? : (( الولد للفراش وللعاهر الحجر )) وقتله حجراً – وهو أحد أصحابه العباد – وأصحاب حجر ، فيا ويلاً له من حجر ويا ويلا له من حجر واصحاب حجر!)) أنتهى كلام ابن الأثير وما بين الشرطتين إيضاح منى ، وحجر ابن عدى ? صحابي مترجم في (( سير أعلام النبلاء )) ( 3 / 462 ) والإصابة ( 1 / 329 طبعة دار الكتب العلمية ) وقد فشا النصب بين الحنابلة وهو بغضهم لآل البيت أو عدم احترامهم لهم موالاة طائفة معاوية أو الدفاع عنها بالحجج التي هي أوهى من بيت العنكبوت ، ويابى الله إلا أن يتم نوره ، ونحن نجد في هذه الأيام من يفتخر بالانتساب لآل النبي ? وخصوصاً لسيدنا الحسن ولسيدنا الحسين أنبى سيدنا علي والسيدة فاطمة عليهم السلام والحمد لله تعالى ، ولا نجد من يفتخر بالانتساب إلى معاوية وذريته ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) .

وقال ( ص : 236 ) تعليق رقم 181 :
( وكان معاوية بن ابي سفيان هو الذي سن للناس لعن الخليفة الراشد ابن عم رسول الله ? على المانبر يوم الجمعه ، فجعل لعنه كأنه أحد أركان الخطبة ، ففي صحيح مسلم ( 4 / 1874 برقم 2409 ) عن سيدنا سهل بن سعد ? قال : (( استعمل على المدينة رجل من ىل مروان ، قال فدعا سهل بن سعد …… فأمره أن يشتم علياً ، قال : فأبى سهل ، فقال له : أما إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب )) ولم يمتثل لأمره سهل ? . ? قلت : ولما ولى معاوية المغيرة بن شعبة على الكوفة قال له : (( ولست تاركاً إيصاءك بخصلة : لا تترك شتم علي وذمه )) أنتهى من الكامل ( 3 / 472 ) . وقد قتل معاوية الصحابي الجليل حجر بن عدى عندما أنكر على عمال معاوية وولاته سب سيدنا علي ? ، وهذا شىء مشهور قال الحافظ ابن حجر (( في الإصابة )) ( 1 / 314 ) في ترجمته : (( وقتل بمرج عذراء بأمر معاوية )) !!! . قلت : وقد قتل معاوية أناساً من الصالحين من الصحابة والفضلاء من أجل السلطة ومن أولئك ايضاً عبدالرحمن بن خالد بن الوليد قال ابن جرير في (( تاريخه )) ( 3 / 202 ) وابن الاثير في الكامل ( 3 / 453 ) واللفظ له : (( وكان سبب موته – عبدالحمن بن خالد بن الوليد – أنه كان قد عم شانه عند أهل الشام ومالوا إليه لما عنده من آثار أبيه ولغناه في بلاد الروم ولشدة باسه ، فخافه معاوية وخشي منه وأمر ابن أثال النصراني أن يحتال في قتله ، وضمن له أن يضع عنه خراجه ما عاش وأن يوليه جباية خراج حمص ، فلما قدم عبدالرحمن من الروم دس إليه ابن اثال شربة مسمومة مع بعض مماليكه ، فشربها ، فمات بحمص ، فوفى له معاوية بما ضمن له )) أ هـ . ? قلت : فهل يجوز قتل المسلم والله تعالى يقول في كتابه العزيز : { ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً } { النساء : 93 } ؟! وهل معاوية مستثنى من مثل هذه الآية ؟ !!! ، ولذلك قال في حقه الحسن البصري رحمه الله تعالى كما في (( الكامل )) ( 3 / 487 ) : (( أربع خصال كن في معاوية ، لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة : انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف حتى أخذ الأمر من غير مشورة وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة ، واستخلافه بعده ابنه سكيراً خميراً يلبس الحرير ويضرب بالطنابير وادعاؤه زياداً ، وقد قال رسول الله ? : (( الولد للفراش وللهاعر الحجر )) وقتله حجراً وأصحاب حجر ، قيا ويلاً من حجر ! ويا ويلاً من أصحاب حجراً ! )) أ هـ . ? قلت : ولما كانت سيرة معاوية هكذا !! لم ترد له فضائل عن النبي ? ، نقل الحافظ الذهبي في (( سير أعلام النبلاء )) ( 3 / 132 ) عن إسحاق بن راهوية ، أنه قال : (( لا يصح عن النبي ? في فضل معاوية شىء )) أ . هـ . وقد ثبت في صحيح مسلم ( 4 / 2010 برقم 22604 ) عن ابن عباس أن النبي ? قال له : (( اذهب وادع لى معاوية )) قال : فجئت فقلت : هو يأكل فقال ? : (( لا أشبع الله بطنه )) وثبت في صحيح مسلم ( 2 / 1114 برقم 1480 ) أن النبي ? قال عنه لما شاورته في الزواج منه فاطمة بنت قيس : (( صعلوكاً لا مال له )) . قلت : وفي مسند الإمام أحمد ( 5 / 347 ) بسند رجاله رجال مسلم عن عبد الله بن بريدة قال : (( دخلت أنا وأبي على معاوية فاجلسنا على الفرش ثم أتينا بالطعام فأكلنا ثم أتينا بالشراب فشب معاوية ، ثم ناول ابي ثم قال : ما شربته منذ حرمه رسول الله ? )) !!! قلت : وأما حديث الترمذي ( 3842 ) من طريق سعيد بن عبدالعزيز عن ربيهة بن يزيد عن عبدالرحمن بن ابي عميرة عن النبي ? أنه قال لمعاوية : (( اللهم أجعله هادياً مهدياً واهد به )) فحديث ضعيف ومضطرب لا تقوم به حجة ، ولا سيما وإسحاق بن راهويه يقول : (( لا يصح عن النبي ? في فضائل معاوية شيء )) . قلت : سعيد بن عبدالعزيز أختلط كما قال أبو مسهر الراوى عنه في هذا الحديث ، وكذا قال أبو داود ويحيى بن معين كذا في التهذيب ( 4 / 54 ) للحافظ ابن حجر . وكذا عبدالرحمن ابن أبي عميرة ، لم يسمع هذا الحديث م النبي ? كما في (( علل الحديث )) للحافظ ابن أبي حاتم ( 2 / 362 و 363 ) نقلاً عن أبيه الحافظ أبي حاتم الرازي ، فهذا حديث معلول بنص الحافظ السلفي ابي حاتم . قلت : ولو ثبت لأبن أبي عميرة صحبة فهذا الحديث بالذات نص اهل الشأن على أنه لم يسمعه من النبي ? ، كما في (( علل الحديث )) لابن أبي حاتم . وقد نص ابن عبد البر أن عبدالرحمن هذا : لا تصح صحبته ، ولا يثبت إسناد حديثه كما في (( تهذيب التهذيب )) ( 6 / 220 دار الفكر ))

اهـ كلام السقاف .

——————————————————————————–

الجزء السابع والثلاثون
الرد على بعض مفترياته وذكر شئ من فضائل معاوية
الجواب عن شبه السقاف واتهاماته السابقة وذكر فضل معاوية بن ابي سفيان

* قلت : ما أورده السقاف من آثار واخبار في مثالب معاوية (رضي االله عنه) لا تصح من جهة الإسناد ، ولو صحت لأوردها هذا الخساف بأسانيدها ، إلا أنه خشى أن تظهر لنا حيلته في سرد هذه الأخبار والاحتجاج بها مع ضعفها ، وسوف يأتى بيان ضعفها قريباً إن شاء الله تعالى . وفضائل معاوية ? – ثابتة عموماً وخصوصاً .

? فأما عموماً : فلما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري ? مرفوعاً : (( لا تسبوا أصحابي ، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ أحدهم ولا نصفه )) . وأهل العلم مجموعون قاطبة – على أن معاوية من أصحاب النبي ? ، ولا شك أنه داخل في عموم هذا النص ، فمن سبه أو طعن فيه آثم بلا ريب ، بل سب الصحابة – رضي الله عنهم – من الكبائر .

? وأما خصوصاً : فلحديثين أحدهما احتج به السقاف على ذم معاوية ولم يصب ، والثاني ضعفه .

? فأما الأول : فما رواه مسلم من حديث ابن عباس : قال : كنت ألعب مع الصبيان ، فجاء رسول الله ? فتواريت خلف باب ، فجاء فحطأنى حطأة ، وقال : (( اذهب وادع لي معاوية )) ، قال فجئت فقلت هو يأكل ، قال : ثم قال لى : (( اذهب فادع لي معاوية )) ، قال : فجئت فقلت : هو يأكل ، فقال : (( لا أشبع الله بطنه )) .
قال الحافظ الذهبي (( في تذكرة الحافظ )) ( 2 / 699 ) : (( لعل هذه منقبة معاوية لقول النبي ? : اللهم من لعنته أو شتمته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة )) . وقال الإمام النووى – رحمه الله – في (( شرح صحيح مسلم )) ( 16 / 156 ) : (( قد فهم مسلم رحمه الله من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقاً للدعاء عليه ، فلهذا أدخله في هذا الباب ، وجعله غيره من مناقب معاوية ، لأنه في الحقيقة يصير دعاءً له )) قلت : وهذا الحديث أخرجه مسلم في باب ( 28 ) :
{ من لعنه النبي ? أو سبه أو دعا عليه ، وليس هو اهلاً لذلك كلن له زكاة وأجراً ورحمة } . وأما السقاف فجعل هذا الحديث في مثالب معاوية بن ابي سفيان – ? – فبئس ما صنع .

وأما الحديث الثاني : فهم ما رواه الإمام أحمد في (( مسنده )) ( 4 / 216 ) ، وابن أبي عاصم في (( الآحاد والمثاني )) ( 2 / 358 ) ، والبخاري في (( التاريخ الكبير )) ( 4 / 1 / 327 ) والترمذي ( 3931 ) من طرق عن : سعيد بن عبدالعوزيز التنوخى ، حدثنا ربيعة بن يزيد ، سمعت عبد الرحمن ابن ابي عميرة المزنى يقول : سمعت النبي ? يقول في معاوية بن أبي سفيان : (( اللهم اجعله هادياً مهدياً واهده واهد به )) .

قلت : وهذا إسناد صحيح متصل ، إلا أنه لم يسلم من طعون السقاف ، حيث قال طعنا في صحته : ( ص : 238 ) :
(حديث ضعيف ومضطرب ، لا تقوم به حجة لا سيما وإسحاق ابن راهويه يقول : (( لا يصح عن النبي ? في فضله معاوية شيء )) . * قلت : سعيد بن عبدالعزيز اختلط كما قال أبو مسهر الراوى عنه في هذا الحديث ، وكذا قال أبو داود ويحيى بن معين كذا في (( التهذيب )) ( 4 / 54 ) للحافظ ابن حجر . وكذا عبدالرحمن بن أبي عميرة لم يسمع هذا بحديث من النبي ? كما في (( علل الحديث )) للحافظ ابن أبي حاتم ( 2 / 362 – 363 ) نقلاً عن ابيه الحافظ أبي الحاتم الرازي ، فهذا حديث معلول بنص الحافظ السلفي أبي حاتم . * قلت : ولو ثبت لابن أبي عميرة صحبة فهذا الحديث بالذات نص أهل الشأن على أنه لم يسمعه من النبي ? كما في علل الحديث لابن ابي حاتم . وقد نص ابن أبي عبد البر ، أن عبدالرحمن هذا : (( لا تصح صحبته ، ولا يثبت إسناد حديثه )) كما في (( تهذيب التهذيب )) ) .

* قلت : أما إعلال الحديث باختلاط سعيد بن عبدالعزيز فليس بسديد ، وذلك لأنه لم يحدث وقت اختلاطه ، بنص من وصفه بالاختلاط وهو أبو مسهر . قال ابن معين ( تاريخ الدورى : 2 / 204 ) : (( قال أبو مسهر : كان سعيد بن عبدالعزيز قد اختلط قبل موته ، وكان يعرض عليه قبل أن يموت ، وكان يقول لا أجيزها )) . وهذا النص قد نقله ابن حجر في (( التهذيب )) فلا أدرى لماذا تعامى عنه السقاف ؟ !! ولذلك فقد احتج مسلم بحديثه من رواية ابي مسهر ، والوليد بن مسلم ومروان بن محمد ، وهم نفسهم الذين رووا هذا الحديث عنه . وسعيد التنوخي ، ثقة حجة ، قال عنه أحمد : (( ليس بالشام رجل أصح حديثاً من سعيد بن عبدالعزيز ، هو والأوزاعي عندي سواء )) . فكيف يضعف حديثه بعد ذلك ؟ !

? واما دعوى السقاف بالاضطراب في الحديث ففيها نظر شديد . فإنما حكم السقاف بالاضطراب على الحديث للاختلاف فيه على التنوخى . فقد رواه الذهبي في (( السير )) ( 8 / 37 ) ، وابن قانع – كما في (( الإصابة )) ( 2 / 407 ) – من طرق : عن الوليد بن مسلم ، عن سعيد بن عبدالعزيز ، عن يونس بن ميسرة ، عن عبدالرحمن بن أبي عميرة به . قال الذهبي ، (( فهذه علة الحديث قبله )) .
قلت : وليست هذه علة ألبتة ، فإن كلا الطريقين محفوظ عن الوليد بن مسلم . فقد رواه أحمد في (( المسند )) ( 4 / 216 ) : حدثنا على بن بحر ، حدثنا الوليد ابن مسلم ، حدثنا سعيد بن عبدالعزيز ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبدالرحمن به . وعلى بن بحر هذا ثقة والتنوخي ثقة في حفظ الأوزاعى ، بل قدمه أبو مسهر على الأوزاعي فمن صفته احتمل تعدد الأسانيد ، فيكون له في هذ الحديث أكثر من إسناد . وعلى تقدير المخالفة بين الوليد بن مسلم من جهة ، وبين أبي مسهر ومروان ابن محمد من جهة أخرى ، فقد رجح أبو حاتم كما في (( العلل )) لابنه ( 2 / 363 ) رواية أبي مسهر ومروان بن محمد . ولكن الوليد لم ينفرد بهذه الرواية بل تابعه عليها عمران بن عبد الواحد عند ابن شاهين – كما في (( الإصابة )) – فدل هذا على أن الطريقين محفوظان ، وليس ثمة اضطراب يعل به الحديث .

وأما محاولة نفي السقاف لصحبة عبدالرحمن بن ابي عميرة : فمردوده بثبوت سماعه من النبي ? هذ الحديث ، وكذلك فقد اثبت له الصحبة غير واحد من أهل العلم المعتبرين . قال الحافظ في (( الإصابة )) . (( قال أبو حاتم وابن السكن له صحبة ، وذكر البخاري ، وابن سعد ، وابن البرقى ، وابن حبان ، وعبدالصمد بن سعيد في الصحابة وذكره أبو الحسن بن سميع في الطبقة الأولى من الصحابة الذين نزلوا حمص )) . وذكره الذهبي في (( تجريد أسماء الصحابة )) ( 3742 ) ، وقال : (( الأصح أنه صحابي )) . واما قول ابن عبدالبر الذى استدل بع هلى عدم ثبوت صحبته ، فقد انتقد على بن عبدالبر كما في (( الإصابة )).

? وأما قوله : ( ولو ثبت لابن أبي عميرة صحبة ، فهذا الحديث بالذات نص أهل الشام على أنه لم يسمعه من النبي ? كما في (( علل الحديث )) لابن أبي حاتم ) . ? فدال على جهله من وجوده :
? الأول : أنه ضعف مرسل الصحابي ، وهذا خلاف ما عليه أهل العلم . قال ابن الصلاح في (( مقدمته )) ( ص : 56 ) : (( ثم إنا لم نعد في أنواع المرسل ونحوه ما يسمى في أصول الفقه مرسل الصحابي ، مثل ما يرويه ابن عباس وغيره من أحداث الصحابة عن رسول الله ? ، ولم يسمعوه منه ، لأن ذلك في حكم الموصول المسند ، لأن روايتهم عن الصحابي والجهالة بالصحابي غير قادحة ، لأن الصحابة كلهم عدول )) . وقال العراقي في (( التقييد والإيضاح )) ( ص : 80 ) : (( ……. المحدثين وإن ذكروا مراسيل الصحابي فإنهم لم يختلفوا في الإحتجاج بها ، واما الأصوليون فقد اختلفوا فيها ، فذهب الآستاذ أبو أسحاق الإسفرايينى إلى أنه لا يحتج بها ، وخالفه عامة أهل الأصول فجزموا بالاحتجاج بها )) .
الثاني : أنه ذهب إلى قول أبي حاتم مع تصريح عبدالرحمن بن ابي عميرة بالسماع من النبي ? لهذا الحديث ، ولا أظن أنه فعل ذلك إلا ليعل الحديث باى طريقة كانت .
والثالث : أنه جعل قول أبي حاتم قولاً لأهل الشأن ، مع أنه لم يذكر أحداً صرح بعدم سماع عبدالرحمن بن ابي عميرة لهذا الحديث من النبي ? ، ولا يتوهم أن ابن عبدالبر ممن قال بذلك ، فابن عبدالبر ضعف الإسناد ، ونفى عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الصحبة أصلاً ، فتنبه .

? وكذلك فمن فضائل معاوية – ? – : اتفاق عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما وهما من الصحابة ، ولهما المكان الأعلى والأمثل من الورع والدين والتقى وسداد الرأى ، وحسن الفكر ، وتمام النظر على تأمير معاوية ? على الشام . حتى قال ابن عباس ? : ما رأيت رجلاً كان أخلق للملك من معاوية ، كان الناس يردون منه على ارجاء واد رحب ، لم يكن بالضيق الحصر والعصعص المتغضب – يعني ابن الزبير – رواه عبدالرزاق في (( المصنف )) ( 20985 ) : عن معمر ، عن همام بن منبه ، قال : سمعت ابن عباس ، يقول : …… فذكره . وسنده صحيح .
قال الذهبي في (( السير )) ( 3 / 132 ) : (( حسبك بمن يؤمره عمر ، ثم عثمان على إقليم – وهو ثغر – فيضبطه ويقوم به اتم قيام ، ويرضى الناس بسخائه وحلمه ، وإن كانبعضهم تألم مرة منه وكذلك فليكن الملك ، وإن كان غيره من اصحاب رسول الله ? خيراً منه بكثير ، وأفضل ، وأصلح ، فهذا الرجل ساد ، وساس العالم بكمال عقله ، وفرط حلمه ، وسعة نفسه ، وقوة دهائه ورأيه ، وله هنات وأمور ، والله الموعد . وكان محبباً إلى رعيته ، عمل نيابة الشام عشرين سنة ، والخلافة عشرين سنة ، ولم يهجه احد في دولته ، بل دانت له الأمم ، وحكم على العرب والعجم ، وكان ملكه على الحرمين ، ومصر ، والشام ، والعراق ، وخراسان ، وفارس ، والجزيرة ، واليمن ، والمغرب ، وغير ذلك )) .
? قلت : ووصفه ابن عباس بالفقه – أيضاً – : فقد أخرج البخاري – رحمه الله – من حديث ابن ابي مليكة : أن ابن عباس قيل له : هل لك في أمير المؤمنين معاوية ، فإنه ما أوتر إلا بواحدة ، فقال : (( إنه فقيه )) .

وأما ما أكثر السقاف به نقلاً عن إسحاق بن راهوية : (( لا يصح عن النبي ? في فضل معاوية شىء )) . ? فلا يثبت عنه . فقد أخرجه الحاكم – كما في (( سير )) الذهبي ( 3 / 132 ) و (( الفوائد المجموعة )) للشوكاني ( ص : 407 ) – : عن الأصم – أبي العباس محمد بن يعقوب الاصم ، حدثنا أبي ، سمعت ابن راهويه فذكره . (( وفي الفوائد )) : سقطت : ( حدثنا أبي ) : وهي ثابتة فالأصم لم يسمع من ابن راهويه . ? قلت : يعقوب بن يوسف بن معقل أبو الفضل النيسابورى – والد الأصم – مجهول الحال ، فقد ترجمه الخطيب في (( تاريخه )) ( 14 / 286 ) فما زاد على قوله : (( قدم بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهويه ، روى عنه محمد بم مخلد )) . ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وله ذكر في ترجمة ابنه من (( السير )) ( 15 / 453 ) ، ولم يذكر فيه الذهبي ايضاً جرحاً ، ولا تعديلاً ، وذكر في الرواة عنه : عبد الرحمن بن ابي حاتم ، ولم أجده في (( الجرح والتعديل )) ، ولا في (( ثقات )) ابن حبان .

——————————————————————————–

اتهام السقاف لمعاوية بن أبي سفيان بشرب الخمر وحاشاه أن يفعل ذلك – ? –
وقد أتهم السقاف معاوية بن ابي سفيان – رضي الله عنهما – بشرب الخمر واستدل بما رواه الإمام احمد ( 5 / 347 ) بسند رجاله رجال مسلم – كما قال لسقاف – عن عبدالله بن بريدة ، قال : (( دخلت أنا وأبي على معاوية ، فأجلسنا على الفرش ، ثم أتينا بالطعام فأكلنا ، ثم أتينا بالشراب ، فشرب معاوية ، ثم ناول أبي ، ثم قال : ما شربته منذ حرمه رسول الله ? … )) . ولم يذكر السقاف سند الحديث ، ولا تتمة متنه .

? فاما سنده : فقال أحمد : حدثنا زيد بن الحباب ، حدثني حسين ، حدثنا عبدالله بن بريدة ……. ? وأما تتمة المتن : (( ثم قال معاوية : وكنت أجمل شباب قريش وأجوده ثغراً ،وما شىء كنت أجد له لذة كما كنت أجده وأنا شاب غير اللبن ، أو إنسان حسن الحديث يحدثني )).

وقد حاول السقاف بهذا الخبر التلبيس على القارئ بأن معاوية كان ممن يشرب الخمر بعد إسلامه ، وبعد ثبوت تحريم شرب الخمر . وهذا مندفع بامور :
أولها : أن لفظ الشراب لا يقتضي أن يكون المشروب خمراً .
ثانيها : مناولته لبريدة بن الحصيب الشراب ، فلو كان خمراً لما أخذه بريدة ، ولأنكر عليه ذلك .
ثالثهما : أن قوله : (( ما شربته منذ حرمه رسول الله …. )) هو من قول معاوية وليس من قول بريدة ، يدل على ذلك ما حذفه السقاف من متن الخبر والذي أشرنا إليه سابقاً ، فدل على ان الشراب لم يكن خمراً ، بل لعله كان لبناً .
? وكذلك فإسناد الخبر فيه لين . فزيد بن الحباب في حفظه ضعف ، ومثله حسين بن واقد ، ولذلك لم يجرؤ السقاف على تصحيحه .

——————————————————————————–

الثامن والثلاثون
الجواب عما ذكره السقاف من قتل الصحابي حجر بن عدي بأمر معاوية
وقد حاول السقاف الطعن في معاوية – ( – بطريقة أخرى ، وهي اتهامه بقتل الصحابي حجر بن عدي – ( – بغير علة ، وإنما كان ذلك إرساء لملكه – فيما أوهم – ؟ ! . هكذا ادعى ، وحاشا لله أن يصدر هذا من صحابي جليل كمعاوية ابن أبي سفيان .

قال ابن سعد – رحمه الله – في (( الطبقات )) ( 6 / 151 ) : وكان حجر بن عدى جاهلياً إسلامياً ، قال وذكر بعض رواة العلم أنه وفد إلى النبي ( ، مع أخيه هانئ بن عدى ، وشده القادسية ، وهو الذي فتح مرج عذرى ، وكان في ألفين وخمسائة من العطاء وكان من اصحاب علي ابن أبي طالب ، وشهد معه الجمل و
منزلك ، وهذا سريرى فهو مجلسك ، وحوائجك مقضية لدى ، فاكفنى نفسك فإني أعرف عجلتك ، فأنشدك الله يا أبا عبدالرحمن في نفسك ، وإياك وهذه السفلة وهؤلاء السفهاء أن يستزلوك عن رأيك فإنك لو هنت علي واستخففت بحقك لم أخصك بهذا من نفسي . فقال حجر : قد فهمت ، ثم انصرف إلى منزله ، فاتاه إخوانه من الشيعة ، فقالوا : ما قال لك الأمير ؟ قال : قال لي كذا وكذا ، قلوا : ما نصح لك ، فأقام وفيه بعض الاعتراض .
وكانت الشيعة يختلفون إليه ويقولون : إنك شيخنا وأحق الناس بإنكار هذا الأمر ، وكان إذا جاء إلى المسجد مشوا معه ، فأرسل إليه عمرو بن حريث ، وهو يومئذ خليفة زياد على الكوفة وزياد بالبصرة : أبا عبدالرحمن ما هذه الجماعة وقد أعطيت الأمير من نفسك ما قد علمت ؟ فقال للرسول : تنكرون ما أنتم فيه ، إليك وراءك أوسع لك ، فكتب عمرو بن حريث بذلك إلى زياد ، وكتب إليه : إن كانت لك حاجة بالكوفة فالعجل ، فأخذ زياد المسير حتى قدم الكوفة ، فارسل إلى عدى بن حاتم ، وجير بن عبدالله البجلى ، وخالد بن عرفطة العذري ، حليف بني زهرة ، وإلى عدة من أشراف أهل الكوفة ، فارسلهم إلى حجر بن عدى ليعذر إليه ، وينهاه عن هذه الجماعة ، وإن يكف لسانه عما يتكلم به ، فأتوه فلم يجبهم إلى شيء ، ولم يكلم أحداً منهم وجعل يقول : يا غلام اعلف البكر ، قال : وبكر في ناحية الدار ، فقال له عدى بن حاتم : أمجنون أنت ؟ أكلمك بما اكلمك به وأنت تقول يا غلام أعلف البكر ؟ فقال عدى لأصحابه : ما كنت أظن هذا البائس بلغ به الضعف كل ما رأى ، فنهض القوم عنه وأتوا زياداً فأخبروه ببعض وخزنوا بعضاً ، وحسنوا أمره وسألوا زياداً الرفق به فقال : لست إذا لأبي سفيان .
فأرسل إليه الشرط والبخاريه فقاتلهم بمن معه ، ثم انقضوا عنه وأتى به زياد وباصحابه فقال له : ويلك ما لك ؟ فقال : إني على بيعتى لمعاوية لا أقيلها ولا استقيلها ، فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة ، فقال : اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه ، ففعلوا ثم وفدهم على معاوية وبعث بحجر واصحابه إليه .
وبلغ عائشة الخبر فبعثت عبدالرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي إلى معاوية فسأله أن يخلي سبيلهم ، فقال عبد الرحمن بن عثمان الثقفي : يا أمير المؤمنين جدادها جدادها ، لا تعن بعد العام أبداً ، فقال معاوية : لا أحب أن أراهم ولكن اعرضوا على كتاب زياد ، فقرئ عليه الكتاب ، وجاء الشهود فشهدوا ، فقال معاوية بن ابي سفيان : أخرجهم إلى عذرى فاقتلوهم هنالك ، قال فحملوا إليها .

فدلت هذه الحكاية على أن معاوية أمر بقتله لما شهد عنده الشهود بأنه ألب على عامله بالعراق ، وحصبه وهو على المنبر ، وخلع البيعة لمعاوية نفسه ، وهو آنذاك أمير المؤمنين ، وقد قال رسول الله ( – فيما أخرجه مسلم من حديث عرفجة – : (( إنه ستكون هنات وهنات ، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة ، وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان )) . قال الإمام النووى – رحمه الله – ( 12 / 241 ) : (( فيه الأمر بقتال من خرج على الإمام ، أو أراد تفريق كلمة المسلمين ونحو ذلك ، وينهى عن ذلك ، فإن لم ينته قوتل ، وإن لم يندفع شره إلا بقتله فقتل كان هدراً )) .

قلت : وفي القصة التي ذكرها ابن سعد ما يدل على أن الشيعة قد ألبوه على معاوية وعامله ، وأن زياداً والى العراق قد راجعه في ذلك قبل أن يبعث بالشهود إلى معاوية – ( – فلما علم معاوية من حاله ، وشهد عنده الشهود بذلك ، أمر بقتله عملاً بنص هذا الحديث ، خصوصاً وأن البيعة كانت قد استقرت له ، والتأليب عليه مما يضر بالدولة الإسلامية آنذاك . وقد أمرنا النبي ( بالسمع والطاعة ولو لعبد حبشي ، فكيف بمن كان من صحابته الذين آزروه ونصروه ، وبمن دعا له النبي ( بالهداية ؟ !! .

وأمر أخيراً أذكره : أن حجر بن عدى هذا مختلف في صحبته ، والأكثر على أنه تابعى ، قال الحافظ ابن حجر في (( الإصابة )) ( 1 / 313 ) : (( وأما البخاري ، وابن أبي حاتم ، عن أبيه ، وخليفة بن خياط ، وابن حبان فذكروه في التابعين وكذا ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة )) . وعلى فرض التسليم له بالصحة فالواجب علينا عدم الخوض فيما شجر بين الصحابة ، بل الترحم عليهم ، والتصديق بعدالتهم . قال ابن حجر في مقدمته (( الإصابة )) ( 1 / 17 ) : (( اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ، ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة )) .

——————————————————————————–

الجزء الواحد والأربعين
الجواب عما ذكره السقاف من أمر معاوية – ? – بقتل عبدالرحمن بن خالد بن الوليد
وأما ما ذكره السقاف من أن معاوية جعل لابن أثال جعلاً على أن يقتل عبدالرحمن بن خالد بن الوليد ، فلا يصح عنه . فقد أخرج الطبري في (( تاريخه )) ( 3 / 202 ) هذا الخبر عن عمر بن شبه عن على ، عن مسلمة بن محارب بهذه القصة . وأورده ابن الأثير في (( الكامل )) ( 3 / 453 ) من غير إسناد ، ولا أراه إلا اعتمد على ما أورده الطبري في تاريخه .

قلت : وعلي شيخ عمر بن شبة هو على بن محمد بن عبدالله بن أبي سيف أبو الحسن المدائني ، أخبارى صدوق ، إلا أنه ضعف في الرواية ، قال ابن عدى في (( الكامل )) ( 5 / 1855 ) : (( ليس بالقوى في الحديث وهو صاحب أخبار )) . وأما قول ابن معين فيه : (( ثقة ، ثقة )) ، فابن معين قد يطلق هذا الوصف على العدالة لا الضبط ، فهذا الوصف محمول على عدالته لا ضبطه ، وقد يطلقه مقارنة بمن هو أضعف منه ، إلا أن هذا الخبر قد اسنده ، فيحكم عليه بقوانين الرواية ، ثم إن القارئ لترجمته في (( السير )) للذهبي يجد أنه كان يحدث بأخبار فحدثه بأحاديث في على ، فلعن بني أمية . وفي ترجمته من (( الكامل )) أورد له ابن عدى حديثاً في فضل الحسن بن على ، فمثله يخشى أن يكون من الشيعة فيتساهل في أخبار ذم معاوية . وأمر آخر أذكره للسقاف جهله أو تجاهله ، وهو أن الطبرى لما اورد ذكر هذه الحادثة رضها فقال : (( وفيها انصرف عبد الرحمن بن خالد بن عبد الوليد من بلاد اروم إلى حمص ، فدس ابن أثال النصراني إليه شربة مسمومة – فيما قيل – فشربها فقتلته )) . فقول الطبرى : (( فيما قيل )) يدل على ضعف الرواية في ذلك عنده .

واقوال للسقاف .. هل وجدت ترجمة لشيخ مسلمة بن محارب ؟ !! أن في شك من ذلك ، فقد اجتهدت في الوقوف على ترجمة له فلم أوفق فمالك ترد فضائل معاوية لأقل مغمز في الراوى ، ولا تعل أخباراً ، وردت في ذمة رواتها مجاهيل ؟ أرى أن سبب ذلك كله تشيعك المفرط ، وبغضك الشديد لمعاوية ? .

——————————————————————————–

الجزء الثاني والأربعين
هل ذم الحسن البصري معاوية الجواب عما ذكره السقاف من ذم الحسن البصري لمعاوية بن أبي سفيان – ?
ويبقى الآن الجواب عما أورده السقاف من خبر ذم الحسن البصري لمعاوية ? والجواب عن هذا سهل هين ، فإنه إنما أعتمد في ذلك على ما نقله ابن الأثير في (( الكامل )) ( 3 / 487 ) عن الحسن ، وقد رجعت إلى (( الكامل )) فوجدت أن ابن الأثير قد أورد هذا الخبر بغير إسناد . فكيف نسلم بصحة مثل هذا ورد في ذم صحابي لمجرد وروده في كتاب (( الكامل )) لابن الأثير ، والمعروف أن المغزى والسير من الأبواب التى لم تسلم من الأخبار الضعيفة والموضوعة .

——————————————————————————–

الجزء الثالث والأربعون
فتوى الإمام أحمد – رحمه الله – فيمن يطعن في معاوية بن أبي سفيان – (رضي الله عنه)
وأخيراً نورد هذه الفتوى العزيزة للإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – في حكم من يطعن في الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان – ? – وفي حكم من يقول : إنه ليس بخال المؤمنين ، وإنه ليس بكاتب الوحي ، أو يقدم أحد التابعين عليه في الفضل .

* قال الخلال في (( السنة )) ( 659 ) : أخبرني محمد بن أبي هارون ، ومحمد بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم قال : وجهنا رقعة إلى أبي عبدالله ، ما تقول رحمك الله فيمن قال : لا أقول : إن معاوية كاتب الوحي ، ولا أقول إنه خال المؤمنين ، فإنه أخذها بالسيف غصباً ؟ قال أبو عبدالله : هذا قول سوء ردئ ، يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون ، ونبين أمرهم للناس . وسند صحيح .

* رورى الخلال ( 660 ) : أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قلت لأبي عبدالله أيما افضل : معاوية أو عمر بن عبدالعزيز ؟ فقال : معاوية أفضل ، لسنا نقيس بأصحاب رسول الله ? أحداً . قال النبي ? : (( خير الناس قرني الذي بعث فيهم )) . وسنده صحيح .

ففي الفتوى الأولى رد على السقاف فيما نفاه من خؤولة معاوية للمؤمنين ، وادعاؤه أنه ليس من كتاب الوحي . وفي الثانية رد عليه في تقديمه عمر بن عبدالعزيز عليه .

http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=1719

لا دفاعا عن الالباني فحسب بل دفاعا عن السلفية
الرد على الجهمي المعطل حسن السقاف
بسم الله الرحمن الرحيم
نتابع الردود على الجهمي المعطل حسن السقاف.
الجزء الواحد والثلاثون
معنى قول أهل السنة والجماعة :
[ إن الله في السماء ]
وإثبات أهل السنة لصفة العلو ، واحتجاجهم بحديث الجارية على أن الله في السماء ، ليس معناه إثبات الحلول له ، تعالى عن ذلك عز وجل ، وإنما عنوا بـ ((في)) أي: ((على)) . وليس هذا تأويلاً كما ادعى السقاف ، بل له نظائر في القرآن الكريم : قال تعالى : { ولأصلبنكم في جذوع النخل } أي : على جذوع النخل .
قال شيخنا العلامة المحدث المفيد عبدالله بن يوسف الجديع حفظه الله قي تعليقه المُنيف على كتاب (( ذكر الاعتقاد ، وذم الاختلاف )) لأبي العلاء بن العطار – رحمه الله – (ص:30) : (( الحق أن الله تعالى له جهة العلو ، وأنه مستو على عرشه ، بائن من خلقه ، وقول من قال من السلف والأئمة : إن الله في السماء إنما أراد حكاية القرآن : { أأمنتم من في السماء } وما ورد في حديث الجارية ونحو ذلك ، وليس معنى ذلك عندهم على الظرفية ، بل إن نصوص الفوقية والاستواء والعلو مفسرة ، لكون ( في ) بمعنى على ، وذلك نظير قوله تعالى : { ولأصلبنكم في جذوع النخل } )) . قلت : وهذا يؤيده ما ذكره الذهبي في (( الأربعين في صفات رب العالمين ))(ص:87) حيث قال : (( ورد أنه – عز وجل – في السماء ، و ( في ) ترد كثيراً بمعنى ( على ) ، كقوله تعالى : { فسيحوا في الأرض } {التوبة :2} . أي : على الأرض . { ولأصلبنكم في جذوع النخل } {طه : 71} . أي على جذوع النخل ، فكذلك قوله : { أأمنتم من في السماء } {الملك :16} . أي : من على السماء )) .
——————————————————————————–
الجزء الثاني والثلاثون
الكلام على حديث [ فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد]
وبيان تدليسات السقاف وتلبيساته في تضعيفه له
ومن تدليسات وتلبيسات السقاف ذلك الجزء الذي ألفه في تضعيف حديث : (( فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد )) ، والذي سماه : (( أقوال الحفاظ المنثورة لبيان وضع رأيت ربي في أحسن صورة )) . وقد سلك فيه مسلكاً ينافي الأمانة والعدل في القول بل كلامه في هذا الجزء يدل على جهله بعلوم الحديث ، ولا سيما تخريج الأحاديث ، وجمع الطرق .
قال السقاف في مطلع رسالته هذه – وهي مطبوعة مع (( دفع شبه التشبيه )) ( ص : 281 ) : ( حديث : رأيت ربي تبارك وتعالى في احسن صورة ، قال فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قال : قلت لا أعلم أي ربي ، قال : فوضع كفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السماوات والأرض ، ثم قال : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد ؟ قلت : في الكفارات ، قال : وما هذه ؟ قلت : المشي إلى الجماعات ، والجلوس في المساجد وانتظار الصلاة ، وإسباغ الوضوء على المكاره ، قال : فمن يفعل ذلك يعيش بخير ، ويموت بخير ، ويكون من خطيئته كيوم ولدته أمه . قلت : هذا الحديث لا يثبت من ناحية سنده ومتنه من وجوه : الأول : رواه الترمذي في سننه ( 5 / 366 ) وحسنه ، والخطيب البغدادي في تاريخه ( 8 / 152 ) وابن الجوزي في الموضوعات 10 / 125 ) والطبراني في (( الكبير )) ( 1 / 317 ) وأورده الحافظ السيوط في كتابه اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوة ( 1 / 31 ) وذكر أن في سنده حماد بن سلمه ، وقد روي الحديث عن حماد بلفظ آخر كما قال السيوطي في اللآلئ المصنوعة ( 1 / 31 ) ذكر هذا اللفظ الذهبي في الميزان وابن عدي في (( الكامل في الضعفاء )) . قلت : أورد الذهبي صدر الحديث الذي نحن بصدده والذي اضطرب فيه الرواة وما جوا اضطراباً عجيباً في كتابه القيم (( سير أعلام النبلاء )) ( 10 / 113 – 114 ) من طريق حماد هذا ، وقال : وهو بتمامة في تأليف البيهقي ، وهو خبر منكر نسأل الله السلامة في الدين . ا . هـ . قلت : الإمام الحافظ البيهقي قال في كتابه الأسماء والصفات ( ص : 300 بتحقيق المحدث الكوثري ) : وقد روي من وجه آخر وكلها ضعيف . ا هـ . * قلت : هذا تصريح من البيهقي بضعف طرق هذا الحديث ، وقول الذهبي معه بأنه منكر ، مع إيراد الحافظ السيوطي وابن الجوزي له في الموضوعات يثبت وضعه بلا شك ولا ريب ، كما أن الحافظ ابن خزيمة أطال في رد أحاديث الصورة في كتاب الصفات ) ا.هـ . كلام السقاف .
قلت : والمآخذ على السقاف في هذا الكلام كثيرة ، منها :
أولاً : أنه لما خرج لم يميز بين الطرق وبين رواة الحديث من الصحابة ، ولا بين المتون ، حتى إذا نقل قولاً عن أحد الحفاظ كالذهبي مثلاً في تضعيف الحديث لبس على القارئ بأن الحديث لا يصح من كل الطرق ، وتفصيل الأحاديث كالتالي : الحديث عند الترمذي من رواية : 1 – ابن عياس ، عن النبي . 2 – معاذ بن جبل ، عن النبي . وعند الطبراني : من حديث أبي رافع – – عن النبي . وعند الخطيب : من حديث ابي عبيدة بن الجراح عنه ، عن النبي . وعند ابن الجوزي : من حديث أم الطفيل امرأة عمارة بن عامر ، عن النبي .
ثانياً : أنه لما خرج هذا الحديث من هذه الوجوه ذكر كلاماً للحافظ الذهبي في تضعيف حديث آخر غير هذا الحديث ، وهو الحديث الذي يروى عن حماد ابن سلمة – ولا يحفظ عنه – عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً : (( رأيت ربي جعداً أمرداً عليه حلة خضراء )) . وهذا بخلاف الحديث الذي فيه اختصام الملأ الأعلى .
ثالثاً : أنه لما نقل كلام الذهبي في تضعيف هذه الرواية لم ينقل كلامه بتمامه حتى لا ينكشف تدليسه ، وتمام كلام الذهبي كما في (( السير )) : (( حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله : (( رأيت ربي – يعني في المنام – ……. )) وذكر الحديث ، وهو بتمامه في تأليف البيهقي ، وهو خبر منكر ، نسأل الله السلامة في الدين ، فلا هو على شرط البخاري ، ولا مسلم ، ورواته وإن كانوا غير متهمين ، فما هو بمعصومين من الخطأ والنسيان ، فأول الخبر ، قال : (( رأيت ربي )) وما قيد الرؤية بالنوم )) .
فقوله في أول الكلام : (( يعني في المنام )) من إدراج الذهبي نفسه ، فإنها ليست في مصنف البيهقي ، وهذا يدل على أن هذا الخبر غير خبر اختصام الملأ الأعلى ، فإن الثانية كانت رؤيا في المنام . وكذلك فإعلال البيهقي للحديث فللرواية التي فيها وصف الرب تعالى باللفظ المنكر ، ولا يختص بحديث الاختصام .
رابعاً : أنه دلس على القراء فقال : ( كما أن الحافظ ابن خزيمة أطال في رد أحاديث الصورة في كتابه الصفات ) . والجواب عن هذا : أن ابن خزيمة إنما ذكر طرق هذا الحديث بحسب ما وقعت له ، وذكر عللها ، ثم أورد طريقاً صحيحاً ، وأعله بأنه من رواية يحيى بن أبي كثير ، وقال : (( يحيى بن أبي كثير رحمه الله أحد المدلسين ، لم يخبر أنه سمع هذا من زيد بن سلام )) وهذه العلة مردودة كما سوف نبين قريباً إن شاء الله تعالى .
خامساً : أنه ضرب صفحاً عن ذكر الأسانيد الصحيحة لهذا الخبر ، وتصحيح أهل العلم لها ، وهذا مخالف للأمانة العلمية ، وميثاق أهل العلم .
——————————————————————————–
الجزء الثالث والثلاثون
ذكر طريق صحيح لحديث : (( فيم يختصم الملأ الأعلى ))
وتصحيح أحمد والبخاري والترمذي له خلافاً لما أدعاه السقاف
قال السقاف ( ص : 283 – 284 ) – بعد أن أورد كلامه السابق نقله – : ( فإن قال قائل : قد حسن الترمذي الحديث ، بل قد صححه في بعض الروايات عنه ، قلنا هذا لا ينفع لوجوه : منها : أن الترمذي رحمه الله تعالى متساهل في التصحيح والتحسين كما هو مشهور ، مثله مثل الحاكم رحمه الله في (( المستدرك )) يصحح الموضوعات كما هو مشهور عند أهل الحديث . ومنها : أن تضعيف هؤلاء الحفاظ الذين ذكرناهم وهم جهابذة أهل الحديث الذين حكموا على الحديث بأنه منكر وموضوع وغير مقدم على تحسين الترمذي أو تصحيحه . ومنها أن الثابت من كلام الترمذي رحمه الله من نسخ سننه أنه قال : حسن غريب ، كما نقل ذلك عنه الحافظ المزي في تحفه الشراف ( 4 / 382 ) ، والمنذري في الترغيب والترهيب. وقال ابن الجوزي في كتابه العلل المتناهية ( 1 / 34 ) عقب هذا الحديث : أصل هذا الحديث وطرقه مضطربة ، قال الدارقطني : كل أسانيده مضطربة ليس فيها صحيح ) .ا.هـ .
? قلت : الكلام كله الذي ذكره هذا السخاف إنما هو على حديث ابن عباس – ?. فأين رواية عبالرحمن بن عائش ، عن مالك بن يخامر ، عن معاذ بن جبل – ? – قال : احتبس عنا رسول الله ? ذات غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس ، فخرج سريعاً ، فثوب الصلاة ، فصلى رسول الله ? وتجوز في صلاته ، فلما سلم دعا بصوته ، قل لنا : (( على مصافكم كما أنتم )) . ثم انتقل إلينا ثم قال : (( أما إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة ، إني قمت من الليل ، فتوضأت ، وصليت ما قدر لي ، فنعست في صلاتي حتى استثقلت ، فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة ، فقال : يا محمد ، قلت : لبيك رب ، قال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : لا أدري ، قالها ثلاثاً ، قال : فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثديي ، فتجلى لي كل شيء وعرفت ، فقال يا محمد ، قلت : لبيك رب ، قال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : في الكفارات ، قال : ما هن ؟ قلت : مشي الأقدام إلى الحسنات ، والجلوس في المساجد بعد الصلوات ، وإسباغ الوضوء حين الكريهات ، قال : فيم – وعند أحمد : وما الدرجات ؟ قلت : إطعام الطعام ، ولين الكلام ، والصلاة بالليل والناس نيام ، قال : سل ، قلت : اللهم إني أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وأن تغفر لي وترمني ، وإذا أردت فتنة قوم فتوفني غير مفتون ، أسألك حبك ، وحب من يحبك ، وحب عمل يقرب إلى حبك ، قال رسول الله ? : إنها حق فاردسوها ثم تعلموها )) .
اخرجه كثير ، عن زيد بن سلام ، عن أبي سلام ، عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي ، أنه حدثه عن مالك الترمذي ( 3235 ) من طريق : جهضم بن عبد الله ، عن يحيى بن أبي بن يخامر السكسكي ، عن معاذ به .
قلت : وهذا سند رجاله ثقات ، إلا أن رواية يحيى بن أبي كثير عن زيد ابن سلام تكلم بعضهم في اتصالها . ففي (( التهذيب )) : قال يحيى بن حسان ، عن معاوية بن سلام : أخذ مني يحيى بن أبي كثير كتب أخي زيد بن سلام . ولذا قال ابن معين : لم يلقه ، وما أحمد بن حنبل فسأله الأثرم : يحيى سمع من زيد ؟ قال : ما أشبهه . ? قلت : سماعه من زيد بن سلام ثابت ، لا سيما في هذا الحديث . فقد أخرج أحمد هذا الحديث في (( المسند )) ( 5 / 243 ) : ثنا أبو سعيد مولى بن هاشم ، ثنا جهضم يعني اليمامي ، ثنا يحيى يعني ابن أبي كثير ، ثنا زيد به . وهذا سند صحيح محفوظ إلى يحيى .
وقد صحح لهذا الحديث الإمام الترمذي والبخاري . قال الترمذي : (( هذا حديث حسن صحيح ، سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث ، فقال : هذا حديث حسن صحيح )) . وكذا هو النقل عنهما في (( تحفة الأشراف )) ، وأما ما نقله السقاف من قول الترمذي (( حسن غريب )) ، فإنما هو في حديث ابن عباس ، وليس في حديث معاذ هذا ثم أقول لهذا السقاف : ألم تر في كتاب المزي (( تحفة الأشراف )) في الموضع الذي أشرت إليه ( 4 / 382 – 383 ) أنت في كتابك قول المزي : (( وقال موسى بن خلف العمي ، عن يحيى ، عن زيد ، عن جده ابي سلام ، عن أبي عبد الرحمن السكسكي مالك بن يخامر ( وتصفحت في التحفة إلى : عن مالك ) عن معاذ بن جبل به . قال أبو أحمد بن عدي : وهذا له طرق ، ورأيت أحمد بن حنبل صحح هذه الرواية التى رواها موسى بن خلف ، عن يحيى بن أبي كثير حديث معاذ بن جبل ، وقال : هذه أصحها )) . فإن ادعى السقاف أن حكم الترمذي على هذا الحديث بالصحة مردود لتساهله ، فما بال تصحيح البخاري له ، وتصحيح الإمام أحمد له كذلك ، هل هما أيضاً موصوفان بالتساهل ؟ !! .
ثم دعواه تلك أن الترمذي متساهل فيها نظر كبير ، ولن أتكلف الرد عليه في ذلك ، بل سوف أحيله على كتاب شيخه عبدالله الصديق الغماري الموسوم بـ: (( الرد المحكم المتين على كتاب القول المبين )) ( ص : 176 – 181 ) ، ففيه بحث مفحم للسقاف في الرد على من يقول :إن الترمذي لا يعول على تصحيحه ، وأنه من الموصوفين بالتساهل. ولكتاب شيخه هذا قصة طريفة معي يأتي ذكرها إن شاء الله في الجزء الثالث من هذا الكتاب ، وهو الرد على التناقضات . فالحديث أخي القارئ صحيح ثابت إن شاء الله تعالى ، فالحمد لله على السنة وعلى الأتباع ، ونعوذ به من البدعة والابتداع .
——————————————————————————–
الجزء الرابع والثلاثون
إثبات صفة الساق وصفة اليدين للرب تبارك وتعالى والرد على السقاف في نفيهما عنه
هاتان الصفتان لم تسلما من تعطيل السقاف أيضاً بتأويلهما تارة ، ونفيهما على الحقيقة تارة أخرى ، مع ورود النصوص الشرعية من الكتاب والسنة بإثباتهما على الوجه الذي يليق بالله تبارك و تعالى . وقد قال تعالى في محكم التنزيل : { يوم سكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون } { القلم : 42 } .
? وقد مر معنا أن ما نسبه السقاف من تأويل هذه الآية إلى الصحابة وجماعة من السلف لا يصح عنهم كما بيناه بالسانيد والأدلة الدامغة . وورد في تفسير هذه الأية ما أخرجه البخاري ( قتح : 8 / 531 ) من طريق سعيد بن ابي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد ? قال : سمعت رسول الله ? يقول : (( يكشف ربنا عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاء وسمعة …. )) . وأما ذلك السقاف ، فحكم على لفظه : (( ساقه )) بالشذوذ، وقوى القول بالتأويل والصرف عن الظاهر ، فقال ( ص : 118 ) حاشية ( 46 ) تعليقاً على ما نقله ابن الجوزي من التأويل المنسوب إلى بعض السلف للآية السابقة : ( وقد ثبت ذلك عن ابن عباس بثلاثة أسانيد صحيحة ، أنظر فتح الباري ( 13 / 428 ) ، ومسند أحمد ( 3 / 17 ) فهكذا أول هذه الاية الصحابة والسلف . وأما الحديث الذي وردت فيه لفظة ( ساقه ) فقد قال الحفاظ في شرحه أن لفظة ( ساقه ) غير محفوظه ، والمحفوظ لفظة ( ساق ) الموافقة للآية القرآنية ، وأما لفظة ( ساق ) فتسوق إلى التجسيم ، هذا معنى كلام الحافظ في (( الفتح )) ولذا نقطع أن هذه اللفظة لم يقلها ? ، ومتى طرأ الاحتمال سقط الاستدلال ، وقد أفاد غالب ما ذكرته هنا الحافظ ابن حجر في فتح الباري ، ونقله عن الحافظ افسماعيلي ، فليراجع ) .
? قلت : وللجواب عن هذه الترهات المذكورة ، نورد كلام الحافظ في (( الفتح )) تعليقاً على الحديث السابق ( 8 / 532 ) : (( ووقع في هذا الموضع : ( يكشف ربنا عن ساقه ) وهو من رواية سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، فأخرجها الإسماعيلي كذلك ، ثم قال : في قوله ( عن ساقه ) نكرة ، ثم أخرجه من طريق : حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم ، بلفظ : ( يكشف عن ساق ) ، قال الإسماعيلي : هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة ، لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين ، تعالى الله عن ذلك ليس كمثله شيء))
فهذا الكلام يدلنا على أن الإسماعيلي قد رجح الرواية دون الهاء الزائدة ، وهي : ( يكشف عن ساق ) ، لموافقتها للقرآن ، ولكن هذا ليس معناه أنه قد نفي هذه الصفة عن الرب جل وعلا ، والأقرب أن الجملة الأخيرة من كلام ابن حجر نفسه ، فإن الإسماعيلي معروف بافثبات ، وقد أثبت اليد وغيرها مما ينفيه أهل التاويل من صفات الرب كما في اعتقاده ، الذي ذكر الذهبي جملة منه في (( السير )) ( 16 / 295 ) .
ثم إن إيراد البخاري له في الصحيح واحتجاجه به ، دلالة على ثبوت هذه المسألة عنده ، ويستبعد أن لا يكون البخاري قد وقف على الرواية الناقصة ، فهو إمام جهبذ متفق على تقدمه وعلو مكانته . والحديث مفسر الأية ولا شك ، فلا وجه للنكارة التي يدعيها السقاف . و غثبات الساق لا يقتضي التشبيه ، لأن الاتفاق في الاسم لا يقتضي الاتفاق في الكيفية . قال محمد بن إسحاق بن منده – رحمه الله – ( 26 ) : (( التمثيل والتشبيه لا يكون إلا بالتحقيق ، ولا يكون باتفاق الأسماء ، وإنما وافق اسم نفس الإنسان الذي سماه الله نفساً منفوسه ، وكذلك سائر الأسماء التى سمى بها خلقه إنما هي مستعارة لخلقه ، منحها عباده للمعرفة …. )) .
? وأما أدلة إثبات اليد لله تعالى :
? فمن الكتاب الكريم : { بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء } { المائدة : 64 } . و { ما منعك أن تسجد لما خلقت بيجي } { ص : 75 } . و { السماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون } { الذاريات : 47 } .
? ومن السنة المطهرة : ? حديث عبدالله بن عمرو ? – : عن النبي ? قال : (( إن المقسطين عند الله على منابر من نور ، عن يمين الرحمن عز وجل ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا )) . والحديث رواه مسلم ( 3 / 1458 ) ، والنسائي ( 8 / 221 ) من طريق : عمرو بن أوس ، عن عبدالله بن عمرو – ? – به .
? وحديث أبي هريرة – ? – : عن النبي ? أنه قال : (( احتج آدم وموسى ، فقال له موسى : يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة ، قال له آدم اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده ….. )) الحديث . وهو متفق عليه عند البخاري ( 4 / 146 ) ، ومسلم ( 4 / 2042 ) . وفي رواية عند مسلم : (( قال موسى : أنت آدم الذي خلق الله بيده …… )) . ولم تسلم هذه الصفة من تأويل ابن الجوزي ، فقد أولها بالقوة ، وتبعه السقاف على ذلك ، وهو مذهب غالب من ينتسب إلى الأشعري ، مع أن الشعري خالفهم في هذا القول ، فقال في كتابه (( الإبانة )) ( ص : 131 ) : (( فإن سئلنا : أتقولون إن لله يدين ؟ قيل : نقول ذلك ……. )) . ثم اسهب في الرد على من يدعي أن المراد باليد النعمة أو القدرة . وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة ، يثبتون أن لله تعالى يدين كما ورد في الكتاب والسنة .
——————————————————————————–
الجزء الخامس والثلاثون
أقوال أهل العلم الدالة على إثبات صفة اليد لله تعالى
وأقوال أهل العلم من أهل السنة والجماعة والأئمة المتبوعين المعتبرين تشهد بما ذكرناه من إثبات صفة اليد لله تعالى . وإليك جملة من أقوالهم في ذلك :
? الإمام أحمد – رحمه الله – ( 27 ) : كما في رواية أبي طالب عنه ، قال : (( قلب العبد بين أصبعين ، وخلق أدم بيده ، وكل ما جاء الحديث مثل هذا قلنا به )) . وفي رواية الميموني عنه : (( من زعم أن يديه نعمتاه فكيف يصنع بقوله : { خلقت بيدي } مشددة )).
? الحافظ افسماعيلي : قال في اعتقاده كما في (( السير )) للذهبي ( 16 / 295 ) : (( اعلموا رحمكم الله أن مذاهب أهل الحديث الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله ….، ويعتقدون بان الله مدعو بأسمائه الحسنى ، وموصوف بصفاته التي وصف بها نفسه ، ووصفه بها نبيه ، خلق آدم بيديه ، ويداه مبسوطتان بلا اعتقاد كيف …. )).
? أبو عثمان الصابوني : قال – رحمه الله – في (( اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث )) ( ص : 26 ) : (( يقول : إنه خلق آدم بيده كما نص سبحانه عليه في قوله عز وجل : { قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي } ولا يحرفون الكلام عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين أو القوتين تحريف المعتزلة والجهمية أهلكم الله ، ولا ييفونهما بكيف أو يشبهونهما بايدي المخلوقين تشبيه المشبهة خذلهم الله ……. )) .
? أبو القاسم الأصبهاني المعروف بـ : (( قوام السنة )) : قال في كتابه : (( الحجة في بيان المحجة )) ( 2 / 291 ) في مذهب أهل السنة في الصفات : (( والإيمان بما ورد في القرآن من صفات الله تعالى كاليد ، والإتيان ، والمجيء ، وإمرارها على ما جاءت ، لا تكيف ، ولا تتأول )) .
? ابن قتيبة الدينوري : قال في (( الرد على الجهمية والمشبهه )) ( ص : 40 ) بعد أن فند أقوالهم في تأويل اليدين ، وردها بالأدلة الجازمة : (( فإن قال لنا : ما اليدان ها هنا ؟ قلنا : هما اليدان التان تعرف الناس كذلك ، قال ابن عباس في هذه الآية : (( اليدان : اليدان )) ، وقال النبي ? : (( كلتا يديه يمين )) ، فهل يجوز لأحد أن يجعل اليدين ها هنا نعمة ، أو نعمتين ، وقال : { لما خلقت بيدي } فنحن نقول كما قال الله تعالى ، وكما قال رسوله ، ولا نتجاهل ، ولا يحملنا ما نحن فيه من نفي على أن ننكر ما وصف به نفسه ، ولكنا لا نقول : كيف اليدان ، وإن سئلنا نقتصر على جملة ما قال ونمسك عما لم يقل )) .
? أبو الحسن الأشعري : الذي ينسب نفسه إليه . وقد تقدم نقل كلامه في ذلك ( ص : 167 ) .
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=1719

لا دفاعا عن الالباني فحسب بل دفاعا عن السلفية

الرد على الجهمي المعطل حسن السقاف

بسم الله الرحمن الرحيم

نتابع الردود على الجهمي المعطل حسن السقاف.

الجزء السادس عشر

إثبات صفة النزول للرب عز وجل والرد على السقاف في نفيه ذلك

وقد صرح السقاف بمعتقده في هذه المسألة في كتابه ((إلقام الحجر)), وفي تعليقه على كتاب ابن الجوزى: ((دفع شبه التشبيه)).
فقال في الأول (ص: 10): (وأما نأويل النزول بنزول ملك فهو الصحيح كما قال الباجورى, لوروده في حديث صحيح, ونصه: ((إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول, ثم يأمر مناديا ينادي يقول: هل من داع يستجاب له, هل من يستغفر له هل من سائل يعطي?)). رواه النسائي بسند صحيح في عمل اليوم والليلة (ص: 340) من حديث أبي هريرة وأبي سعيد, وقد فصلت الكلام عليه وبيان طرقه, ومتابعاته وشواهده في ((الأدلة المقومة لاعوجاجات المجسمة)), وبينت بطلان كلام الألباني في تضعيفه, وبطلان طعنه بحفص بن غياث الثقة الإمام الذي أخرج أحاديثه الستة).
وقال في الثاني (ص: 193) نحوا من ذلك, وزاد زيادات سوف يأتي التنبيه عليها, والرد على ما ورد فيها من ضلالات, فالله المستعان.
قلت: ويكفي لإثبات صفة النزول للرب سبحانه وتعالى ما اتفق على إخراجه البخاري ومسلم – رحمهما الله – في ((صحيحيهما)) من حديث أبي هريرة? : النبي عن? , قال: ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر, يقول: من يدعوني فأستجيب له, من يسألني فأعطيه, من يستغفرني فأغفر له)).
قال الحافظ الذهبي – رحمه الله – في ((الأربعين في صفات رب العالمين)) (ص: 100): ((هذا حديث حسن, متفق عليه من حديث أبي هريرة وغيره, وقد أفردت له جزءا, وقد ذكرت فيه عن أكثر من عشرين صحابيا عن النبي نزول الرب عز وجل بطرق كثيرة إليهم, ومنها لمسلم:? ((فينزل: فيقول: لا أسأل عن عبادي غيري)) وقد حدث. بهذا الحديث حماد بن سلمة, فقال: من رأيتموه ينكر هذا فاتهموه)).
قلت : وهذا الحديث لم يسلم من طعون السقاف وتأويلاته فادعى أن الذي ينزل هو أحد الملائكة ، واستدل على ذلك بما رواه النسائي في (( عمل اليوم والليلة ))(486) : أخبرني إبراهيم بن يعقوب ، حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، حدثنا أبي حدثنا الأعمش ، حدثنا أبو إسحاق ، حدثنا أبو مسلم الأغر ، سمعت أبا هريرة و أبا سعيد يقولان : قال رسول الله ? : (( إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ، ثم يأمر منادياً ينادي ، هل من داع يستجاب له ، هل من مستغفر يغفر له ، هل من سائل يعطى )) . وهذه الرواية شاذة ، من جهة ذكر المنادي .
فقد رواه جماعة عن أبي إسحاق فأثبتوا النزول والنداء لله عز وجل ، وهم :
1 – شعبة بن الحجاج : أخرجه الإمام أحمد (3/34) ، ومسلم (1/52) ، وابن خزيمة (1146) ، والآجرى في ((الشريعة )) (ص:310) .
2 – سفيان الثوري : أخرجه الآجرى (ص:309) .
3 – أبو عوانة : أخرجه أحمد (2/383) ، والرامهرمزى في (( المحدث الفاصل ))(552) .
4 – معمر : أخرجه عبد الرزاق (1/444-445/19654) .
5 – إسرائيل : أخرجه الآجرى (ص:310) .
6 – شريك : أخرجه الآجرى (ص:310) .
7 – منصور بن المعتمر : أخرجه مسلم (1/523) ، والنسائي في (( اليوم والليلة ))(485) .
وليس الحمل فيه على الأعمش ، فقد رواه الآجرى (ص:309) من طريق : مالك بن سعير ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن أبي مسلم الأغر ، عن أبي هريرة مرفوعاً: (( إن الله عز وجل يمهل حتى إذا كان شطر الليل نزل تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا ، فقال : هل من مستغفر ………الحديث )) . وسنده صحيح . فالحمل في رواية النسائي – الشاذة – على حفص بن غياث أولى ، فقد تغير بعدما تولى القضاء ، وقد خالف الأكثر والأوثق . والحديث محفوظ من طرق أخرى – غير طريق الأغر – عن أبي هريرة بلفظ نزول الرب عز وجل . وأما زعمه أن هذا الحديث كان في كتاب حفص ، فمردود عليه .
قال في تعليقه على (( دفع شبه التشبيه ))(ص:193) : ( وقد زعما – أي الألباني وشعيب الأرناؤوط – أن حفص بن غياث تغير حفظه قليلاً بأخرة ، وأقول : إن هذا تضعيف مردود لأن رواية حفص عن الأعمش كما في إسناد هذا الحديث كانت في كتاب عند ابن حفص – عمر – كما في ترجمة حفص في (( تهذيب الكمال ))(7/60) ، و ((تهذيب التهذيب ))(2/358) ، فلا يضرها اختلاط حفص بأخرة على تسليم وقوعه ) .
*قلت : هذه إحالة على جهالة ، فالذي ورد في (( تهذيب التهذيب )) : (( قال ابن خراش :بلغني عن على بن المديني، قال سمعت يحيى بن سعيد يقول : أوثق أصحاب الأعمش حفص بن غياث ، فأنكرت ذلك ، ثم قدمت الكوفة بأخرة ، فأخرج إلى عمر بن حفص كتاب أبيه ، عن الأعمش ، فجعلت أترحم على يحيى )) .
*قلت : هذا الإسناد منقطع بين ابن خراش وعلى بن المديني من جهة ، ومن جهة أخرى لم يرد في هذا الخبر ما يدل على أن هذا الحديث من كتاب حفص ، ولم يرد في إسناد الخبر نفسه ما يدل على ذلك ، وقد يكون الحديث من رواية صاحب كتاب او صاحب نسخة ، إلا أن حديثاً بعينه من روايته لا يكون من هذه النسخة .
ونضرب على ذلك مثالاً : ما أخرجه أحمد والترمذى والحاكم من طريق :عمرو بن الحارث ، عن دراج أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد مرفوعاً : (( لاحكيم إلا ذو تجربة ، ولا حليم إلا ذو عثرة )) . قال الحافظ ابن حجر مدافعاً عن هذا الحديث في (( أجوبته عن أحاديث المصابيح )) (المشكاة :1786) : (( صحيح ابن حبان هذه النسخة من رواية ابن وهب ، عن عمرو ابن الحارث ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، فأخرج كثيراً من أحاديث في صحيحه )) . فاحتج على تقوية الحديث بأنه من نسخة ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، لأن من رواه رواه من طريق ابن وهب ، فظن أنها من نسخته ، والأمر خلاف ما ذكر . قال ابن عدي في (( الكامل ))(3/1256) : (( وهذا لا يرويه مصرى عن ابن وهب ، إنما يرويه قوم غرباء ثقات سمعوه من ابن وهب بمكة ، وليس هذا في نسخة عمرو بن الحارث من رواية ابن وهب عنه )) . قلت : فكون الحديث من رواية عمر بن حفص ، عن أبيه ، عن الأعمش لا يعنى أنه في كتاب حفص عن الأعمش ، ولو سلمنا بذلك فقد خالف حفص بن غياب الأكثر والأحفظ ، فروايته على ذلك شاذة بل منكرة .
ولا يفوتني في المقام أن أنبه على ما تعلم به السقاف في تعليقه السابق ذكره ، وحاول به أن ينقض من منزلة الشيخ الألباني – حفظه الله – من استدراكه – كذا زعم !! – وصفه لرواية حفص بن غياث بالنكارة ، حيث قال (ص:193) : ( وقوله – المعلق على (( أقاويل الثقات )) – عن حديث النسائي : منكر بهذا الشياق غريب !! بل من القول ، ويصح ذلك لو كان حفص ضعيفاً ، وليس هو كذلك ، ثم لانكارة في المتن ألبتة ، فلو كان ادعاه الألباني ، ومتابعة حقاً لكان شاذاً لا منكراً لقول أهل الحديث : وما يخالف ثقة به الملا فالشاذ والمقلوب قسمان تلا)
قلت :وهذا استدراك في غير محله ، فقد سبقهما إلى وصف ما تفرد به حفص بن غياث بالنكارة الحافظ الجهبذ أبو عبدالله الذهبي ، فقال في (( الموقظة ))(ص:77) : (( وقد يسمى جماعة من الحفاظ الحديث الذي يتفرد به مثل هشيم وحفص بن غياث منكراً )) .
قلت : وفي هذا الإطلاق نكتة لطيفة ، وهي أن وصف حديثه بالنكارة لأنه اعتراه بعض الضعف الذي نزل به عن درجة الثقة الحافظ لحديثه المتثبت فيه ، وإطلاق النكارة مختص بالضعيف لا بالثقة المتثبت ، وابن غياث اعتراه ضعف بعد توليه القضاء . قال ابن رجب في (( شرح علل الترمذي ))(ص:297) : (( وأما حفص ابن غياث فقد كان أحمد وغيره يتكلمون في حديثه لأن حفظه كان فيه شيء )) .
وقد حاول السقاف أن يقوي استدلاله بالحديث السابق ، فاستشهد له بشاهد عن عثمان بن أبي العاص ? مرفوعاً : (( تفتح أبواب السماء نصف الليل ، فينادي مناد ، هل من داع فيستجاب له ، هل من سائل فيعطى ، هل من مكروب فيفرج عنه ، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله عز وجل له ، إلا زانية تسعى بفرجها ، أو عشاراً )). قال السقاف بعد أن عزاه إلى الإمام أحمد (4/22و217) ، والبزار (4/44كشف الأستار ) ، والطبراني (9/51) : ( وهو صحيح الإسناد ، وانظر مجمع الزوائد (10/209) ، وفيه : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ) . وقد نقل هناك تصحيح الألباني لهذا الحديث . والحق أن هذا الحديث : معلول . كما سوف يأتي بيانه قريباً إن شاء الله تعالى .
——————————————————————————–
الجزء السابع عشر
فصل في :ذكر علة خبر عثمان بن أبي العاص
ورد هذا الحديث من طريقين عن عثمان بن أبي العاص :
الأول : من رواية على بن زيد بن جدعان ، عن الحسن ، عن عثمان باللفظ المذكور . أخرجه أحمد ( 4/22و217) ، والبزار ( 4/44:كشف ) .وهذا الإسناد معلول بعلتين :
? الأولى : ضعف علي بن زيد بن خدعان .
? والثانية : الانقطاع ، فالحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص كما في ترجمته من (( تهذيب التهذيب )) (2/231)
والثاني : من رواية هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن عثمان بن أبي العاص به . أخرجه الطبراني في (( الكبير ))(9/51) : حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ، حدثنا عبد الرحمن بن سلام الجمحى ، حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار ، عن هشام بن حسان به .
قلت : وقد اختلف في هذا الإسناد على داود بن عبد الرحمن . فأخرجه البيهقي في (( الشعب ))(7/418/3555) ، وفي (( فضائل الأوقات ))(25) من طريق : جامع بن الصبيح الرملي ، حدثنا مرحوم بن عبد العزيز عن داود بن عبد الرحمن ، عن بن حسان ، عن الحسن ، عن عثمان مرفوعاً بلفظ : (( إذا كان ليلة النصف من شعبان ، نادى مناد ، هل من مستغفر فأغفر له ، هل من سائل فأعطيه ، فلا يسأل الله عز وجل أحد شيئاً إلا أعطاه إلا زانية بفرجها أو مشرك )) .
وجامع بن صبيح هذا ترجمه ابن أبي حاتم في (( الجرح والتعديل )) (2/1/530) وسكت عنه ، وضعفه لأزدى كما في (( لسان الميزان ))(2/93) .
ولكن تابعه على هذه الرواية راو ثقة وهو محمد بن بكار بن الزبير ، فرواه عن مرحوم به .
أخرجه الخرائطي في (( مساوئ الأخلاق ))(رقم :490) : حدثنا عبدالله بن أحمد بن إبراهيم الدورقى ، حدثنا محمد بن بكار ، عن مرحوم به .
قلت : وهذا سند صحيح إلى مرحوم بن عبد العزيز . ومرحوم بن عبد العزيز أثبت من مخالفة داود بن عبد الرحمن . فالأول : وثقة أحمد ، وابن معين ، والنسائي ، والبزار ، ويعقوب بن سفيان ، وابو نعيم ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وأخرج له الستة .
وأما الثاني : فقال أبو حاتم : (( صدوق )) ومثله نقل عن صالح جزرة ، وذكره ابن حبان في (( الثقات )) ، وأخرج له مسلم . فالأصح رواية مرحوم من حديث الحسن عن عثمان في فضل ليلة النصف من شعبان . وهي معلولة بالانقطاع بين الحسن وعثمان كما تقدم والله أعلم .
قلت : وقد استدل السقاف بالحديثين السابقين – وهما ضعيفان كما بينا – على أن الذي ينزل وينادي هو ملك إعمالاً لما نقله الحافظ في (( الفتح )) عن بعض المشايخ من ضبطهم لفظ : ( ينزل ) بضم الياء ، وهذا وجه ضعيف مخالف لعامة الروايات الواردة في هذا الحديث والتي تثبت النزول لله سبحانه وتعالى .
وقد أنكر بعض أهل العلم هذا الضبط .
قال أبو القاسم الأصبهاني المعروف بـ((قوام السنة )) في كتابه (( الحجة في بيان المحجة ))(1/248) :
(( ذكر على بن عمر الحربي في كتاب (( السنة )) : أن الله تعالى ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا ، قاله النبي ? من غير أن يقال : كيف ؟
فإن قيل : ينزل أو ينزل ؟ قيل : يَنزل بفتح الياء وكسر الزاي ، ومن قال : يُنزل بضم الياء فقد ابتدع ، ومن قال : ينزل نوراً وضياءً فهذا أيضاً بدعة )) .
وعلى بن عمر الحربي هذا إمام محدث زاهد ثقة صاحب معرفة وعلم وكرامات ، وانظر ترجمته في (( تاريخ بغداد )) : (12/43) ، و(( سير أعلام النبلاء )) : (17/69) .
والعجيب حقاً من السقاف – غفر الله لنا وللمسلمين – أن يصر على تجنيه على الأئمة ، فيذكر في مقام إثبات ما ذهب إليه أنه مذهب مالك ، فيقول في ( ص:194 تعليق رقم :129) :
( وممن أوّل حديث النزول بنزول رحمته سبحانه الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى ، وهو من أئمة السلف ، فيما رواه عنه الحافظ ابن عبد البر في كتابه ((التمهيد)) (7/143) ، وفي (( سير أعلام النبلاء ))(8/105) :
(( قال ابن عدي : حدثنا محمد بن هارون بن حسان ، حدثنا صالح بن أيوب ، حدثنا حبيب بن أبي حبيب ، حدثني مالك ، قال : يتنزل ربنا تبارك وتعالى أمره ، فأما هو فدائم لا يزول ، قال صالح : فذكرت ذلك ليحيى بن بكير ، فقال : حسن والله ، ولم أسمعه من مالك )) .
قلت : وفي هذا أن مالكاً ينزه الله عن الحركة ، ولا نقول : إنه ساكن ، سبحان ربي العظيم الأعلى ) .
وكنت قد أجبت عن هذه الشبهة قبل تفصيلاً ، ولا مانع من استحضار علة عدم ثبوت هذا الخبر هنا ، وهي :
وهاء حبيب بن أبي حبيب ، قال أحمد : (( ليس بثقة . . . . كان يكذب )) ، وأثنى عليه شراً وسوءاً ، وقال أبو داود : (( كان من أكذب الناس )) ، وفي رواية عنه : (( يضع الحديث )) ، وقال النسائي : (( متروك الحديث ، أحاديثه كلها موضوعة عن مالك )) ، ووهاه آخرون ذكرتهم هناك .
وصالح بن أيوب هذا مجهول .
وقد علق الذهبي على هذه الرواية بعد إيرادها في كتاب بقوله :
(( قلت : لا اعرف صالحاً ، وحبيب مشهور ، والمحفوظ عن مالك – رحمه الله – رواية الوليد بن مسلم أن سأله عن أحاديث الصفات ، فقال : أمروها كما جاءت بلا تفسير )) .
وأما طريق ابن عبد البر ففيه جامع بن سوادة وهو متهم ، وفيه علة أخرى ذكرتها في الموضع المشار إليه فلتراجع .
ثم وقفت للحافظ الكبير ابن رجب – رحمه الله – على تضعيفه لنسبة هذا القول إلى مالك ، فقال في (( فتح الباري شرح صحيح البخاري )) له ، وهو من أعظم الشروح على الإطلاق وصل فيه إلى جنائز (9/279) :
(( وقد تقدم عن مالك ، وفي صحته عنه نظر )) .
والسقاف فيما فعل تبع شيخه عبدالله بن الصديق الغمارى الذي يحذف من كلام العلماء ما يخالف مذهبه ن ويعكر مشربه .
وقد تصرف التلميذ تصرف أستاذه ، لا أعلم لأي منهما السبق في هذا المضمار !!
فقال في كتابه : (( فتح العين بنقد كتاب الأربعين ))(ص:55) :
( (( باب : نقد باب إثبات نزوله إلى السماء الدنيا )) – بعد أن أورد حديث رفاعة عن عرابة الجهنى في النزول :
( قال الحافظ – [ أي ابن حجر ] – استدل به من أثبت الجهة ، وقال : هي جهة العلو وأنكر ذلك الجمهور ، لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز ، تعالى الله عن ذلك ، وقد اختلف في معنى النزول أقوال : فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته وهم المشبهة ، تعالى الله عن قولهم ، ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة ، وهم الخوارج والمعتزلة ، وهو مكابرة ، ومنهم من أجراه على ما ورد مؤمناً به على طريق الإجمال ، منزها الله تعالى عن الكيفية والتشبيه وهم جمهور السلف ، ومنهم من أوله على وجه يليق مستعمل في كلام العرب ، ومنهم من أفرط في التأويل حتى كاد يخرج إلى نوع من التحريف ، ومنهم من فصل بين ما يمون تأويله قريباً مستعملاً في كلام العرب ، بين ما يكون بعيداً مهجوراً ، فأول في بعض ، وفوض في بعض ، وهو منقول عن مالك ، وجزم به من المتأخرين ابن دقيق العيد ) .
قلت : فمن يقرا هذا الكلام يظن للوهلة الأولى أن الإمام مالك قد أول وفوض في أحاديث النزول ، هذا لأن الغمارى قد أسقط من الكلام ما يدل على خلاف ذلك .
فنص كلام ابن حجر في (( الفتح )) (3/23) : ( استدل به من أثبت الجهة ، وقال : هي جهة العلو ، وأنكر ذلك الجمهور ، لأن معنى القول بذلك يفضي إلى التحيز ، تعالى الله عن ذلك ، وقد اختلف في معنى النزول على أقوال : فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته وهم المشبهة ، تعالى الله عن قولهم ، ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة ، وهم الخوارج والمعتزلة ، وهو مكابرة ، ومنهم من أجراه على ما ورد ، مؤمناً به على طريق الإجمال ، ومنزهاً الله تعالى الكيفية والتشبيه وهم جمهور السلف ، { ونقله البيهقي عن الأئمة الأربعة ، والسفيانين ، والحمادين ، والأوزاعي والليث ، وغيرهم}، ومنهم من أوله على وجه ….) .
فما أسقطه الغمارى يدل على دلالة قاطعة على أن مذهب الإمام مالك هو مذهب السلف من حيث الإيمان بصفة النزول ، مع عدم الخوض في كيفيتها ، وأن ما نقله الحافظ عن الإمام مالك في التأويل والتفويض فالأغلب أنه اعتمد في ذلك على الروايات الضعيفة الواردة عنه في ذلك ، والتي سبق ذكرها ، والتي لينها ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – ، والله أعلم .
——————————————————————————–
الجزء الثامن عشر
ذكر أقوال من أثبت النزول للرب عز وجل من أهل العلم
* قال الإمام الترمذي – رحمه الله – في (( الجامع ))(3/50-51): بعد أن أخرج حديث : (( إن الله يقبل الصدقة ، ويأخذها بيمينه …..)) . قال الترمذي : (( قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ، ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ، وقالوا : قد ثبت الروايات في هذا ، ويؤمن بها ، ولا يتوهم ، ولا يقال : كيف ؟ هكذا روى عن مالك وسفيان بن عيينة وعبدالله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث : أمروها بلا كيف ، وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة ، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا : هذا تشبيه )) .
قلت : والمعنى بـ(الإمرار ) أي إثبات الصفة كما وردت ، ولا يقال : كيف ينزل ؟ ولا يقال : ينزل كنزول … أو مثل نزول … وإنما يثبت له الصفة مع اعتقاد الكمال له سبحانه فيها وعدم التشبيه أو التجسيم أو التكييف .
? وقال إسحاق بن راهوية – رحمه الله – : جمعنى هذا المبتدع – إبراهيم بن أبي صالح – مجلس الأمير عبد الله بن طاهر ، فسألني الأمير عن أخبار النزول ،فسردتها ، فقال ابن أبي صالح : كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء ، فقلت : آمنت برب يفعل ما يشاء (20) .
? وقال حنبل بن إسحاق : سألت أبا عبدالله أحمد بن حنبل عن الأحاديث التي تروي عن النبي ? : (( إن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا )) ؟ فقال أبو عبدالله : نؤمن بها ، ونصدق بها ، ولا نرد شيئاً منها إذا كانت أسانيدها صحاح ، ولا نرد على رسول الله ? قوله ، ولا نعلم أن ما جاء به الرسول حق . قلت لأبي عبدالله : ينزل الله إلى سماء الدنيا ، قال : قالت : نزوله بعلمه ؟ بماذا ؟ قال لي : اسكت عن هذا ، مالك ولهذا ، أمض الحديث على ما روى ، بلا كيف ولا حد إنما جاءت به الآثار ، وبما جاء به الكتاب . قال الله عز وجل : { ولا تضربوا لله الأمثال } . ينزل كيف يشاء بعلمه ، وقدرته ، وعظمته ، أحاط بكل شيء علماً ، ولا يبلغ قدره واصف ، ولا ينأى عنه هرب هارب (21) .
? وقال إسحاق بن منصور الكوسج – رحمه الله – : قلت لأحمد – يعني ابن حنبل – : (( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة ، حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى سماء الدنيا )) ، أليس تقول بهذه الأحاديث ؟ و ((يراه أهل الجنة )) ، يعني ربهم عز وجل . و (( لاتقبحوا الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته )) . و (( اشتكت النار إلى ربها عز وجل حتى وضع فيها قدمه )) . و (( إن موسى لطم ملك الموت )) . قال أحمد : كل هذا صحيح . قال إسحاق : هذا صحيح ، ولا يدعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأي (22) .
? وأخيراً أقول للسقاف : أبو الحسن الأشعري الذي تنسب نفسك إليه يثبت للرب عز وجل ، ويثبت الأحاديث الواردة في النزول ، وانظر إن شئت كتابه (( الإبانة ))(ص:122) باب ذكر الاستواء على العرش . وكتابه (( مقالات الإسلاميين ))( ص: 220-225) حيث قال : (( هذه حكاية جملة أقوال أصحاب الحديث وأهل السنة . . . . فذكرها ، وذكر منها: (( ويصدقون بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله ? أن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا فيقول : هل من مستغفر ، كما جاء في الحديث عن رسول الله ? …. حتى قال : وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه نذهب )) .
——————————————————————————–
الجزء التاسع عشر
إثبات صفة العلو للواحد القهار والرد على السقاف في نفيه ذلك
لقد تأول السقاف صفة العلو للواحد القهار ، فادعى أنه علو معنوي ، وهذا خروج عن ظاهر النصوص ، فإنه يقصد بذلك علو المنزلة والمكانة ، وينفي العلو بالذات والصفات لله تعالى .
والأدلة على إثبات صفة العلو لله سبحانه وتعالى كثيرة من الكتاب والسنة . قال تعالى :{ ثم استوى على العرش } {يونس : 3 ، الفرقان : 59 ، السجدة : 4 ، الحديد : 4 } .
وقال : { أأمنتم من في السماء } { الملك : 16 } . وقال عز من قائل :{ إليه يصعب الكلم الطيب } { فاطر : 10} . وقال سبحانه : { يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه } {السجدة : 5 } .
وقال تعالى : { تعرج الملائكة والروح } {المعارج : 4 } .
وقال لعيسى : { إني متوافيك ورافعك إلي } {آل عمران : 55 } .
وقال عنه : { بل رفعه الله إليه } { النساء : 158} .
وقال سبحانه وتعالى : { يخافون ربهم من فوقهم } {النحل : 50 } .
وأخبر سبحانه عن فرعون فقال : { ياهامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب * أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذباً } { غافر :36 – 37 } .
وقد تأول السقاف قوله تعالى : { إني متوفيك ورافعك إلي } ، فقال في كتابه (( إلقام الحجر ))(ص:16) : ( المقرر أن علو الله تعالى علو معنوي كما أثبت ذلك الحافظ في الفتح 6/136) .
وقال فيما علقه على كتاب قواعد العقائد من كتاب الإحياء للغزالي ، والذي نشره باسم (( عقيدة أهل السنة والجماعة ))(ص:33) :
( جميع الآيات والأحاديث التي ظاهرها جهة السماء المراد منها العلو المعنوي والفوقية القهرية ، والعرب الذين جاء القرآن بلغتهم إذا أرادوا وصف أي شيء بالعظمة والرفعة والكبرياء يشيرون في تعظيمه إلى جهة السماء ، وإلى العلو المعنوي كما هو مشهور ، فالعلو المراد بالفوقية ونحوها هو من جهة المعنى وليس من جهة الحس في حق المولى تبارك وتعالى ) .
قلت : إثبات العلو لله سبحانه والفوقية له عز وجل بذاته وصفاته ليس معناه التشبيه ، ولا يعني أن يرد عليه النقص بإثبات هذه الصفة فهو سبحانه فوق عباده بذاته وصفاته بغير كيف ، مع اعتقاد الكمال المطلق ، والتنزيه عن النقص والعيب .
? وأما أدلة إثبات الصفة العلو من السنة ، فكثيرة جداً ، نذكر منها :
1 – حديث الجارية الذي حكم عليه بشذوذ لفظه :
وهو عند مسلم في (( صحيحه )) وغيره ، عن معاوية بن الحكم السلمي ، قال : كانت لي جارية ترعى غنماً لي قبل أُحد والجوانية ، فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها ، وأنا رجل من بني آدم ، آسف كما يأسفون ، لكني صككتها صكة ، فأتيت رسول الله ? ، فعظم ذلك علي ، قلت يا رسول الله !! أفلا أعتقها ؟ قال : (( ائتني بها )) ، فأتيته بها ، فقال لها : (( أين الله ؟ )) قالت في السماء ، قال : (( من أنا ؟)) ، قالت : أنت رسول الله ، قال : (( أعتقها فإنها مؤمنة )) .
قال السقاف في (( عقيدة أهل السنة والجماعة )) !! (ص:36) :
( وقد صح حديث الجارية بلفظ : (( أتشهدين أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فقال نعم )) ونحن نقول : هذا هو الثابت عنه ? ، ولفظة (( أين الله )) لا تثبت لأنها مروية بالمعنى ) .
وقال في تعليقه على (( دفع شبه التشبيه )) لابن الجوزي (ص:186) :
( قد خالف كثير من الحفاظ في مصنفاتهم هذا اللفظ الذي جاء في ((صحيح مسلم)) فروه بلفظ :
(( قال أتشهدين أن لا إله إلا الله ؟ فقالت : نعم ، قال : أتشهدين أني رسول الله ؟ قالت : نعم ، قال : أتومنين بالبعث بعد الموت ؟ قالت : نعم ، قال : فأعتقها )) .
رواه أحمد في (( مسنده ))(3/452) ، وقال الهيثمي في (( المجمع ))(4/244) : رجاله رجال الصحيح ، وعبد الرزاق في (( المصنف ))(9/175)، والبراز (1/14كشف ) ، والدرامى (2/187) والبيهقي (10/57) ، والطبراني (12/27) وسنده صحيح ، وليس فيه سعيد بن المرزبان كما قال الهيثمي ، وابن الجارود في (( المنتفي))(931) ، وابن أبي شيبة (11/20)) .
قلت : وهذا الكلام فيه تدليس عريض ، فظاهره أن الاختلاف في اللفظ دون السند ، فكأنه يشير بذلك إلى أنه اختلف في متن هذا الحديث على أحد رواة السند ، فرواه جماعة عنه بلفظ مسلم ، وجماعة آخرون باللفظ الآخر ، وهذا غير صحيح .
فما أورد من تخريج هذا اللفظ فلأحاديث عدة بأسانيد مختلفة .
وسوف أذكرها لك أخي القارئ ، حتى ترى أي درجة من التدليس وصل إليها السقاف .
? أما الحديث الأول :
فالذي أخرجه عبد الرزاق في (( مصنفه ))(9/175) – ومن طريقه الإمام أحمد في ((المسند ))(3/452) وابن الجارود (931) -:
عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة ، عن رجل من الأنصار ، جاء بأمة سوادء إلى النبي ? ، فقال : يارسول الله ، إن علي رقبة مؤمنة ، فإن كنت ترى هذه مؤمنة ……الحديث .
وأخرجه البيهقي في (( الكبرى ))(10/57) من طريق :
يونس بن يزيد ، عن الزهري به .
قلت : وهذا الإسناد معلول بجهالة صحابية ، فإن قيل ما وجه إعلاله بذلك ، والصحابة كلهم عدول ؟ فالجواب : أنه لم يرد في طريق من طرق الحديث ما يدل على أن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة قد سمعه من هذا الأنصاري ، فلعله لم يسمع منه ، وكما قال السقاف :
(( متى طرأ الاحتمال سقط الاستدلال )) .
وقد استظهر البيهقي في هذه العلة ، فقال عقب إخراجه هذا الحديث :
(( هذا مرسل )) .
وأما الحديث الثاني :
فما أخرجه البراز في (( مسنده ))(13/كشف ) والطبراني في (( الكبير ))(12/27) من طريق :
ابن ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :
أتى رجل النبي ? ، فقال : إن على أمي رقبة ، وعندي أمة سوداء ….الحديث .
قلت : وهذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى ، وعجباً للسقاف كيف صحح الإسناد ؟!! .
? وأما الحديث الثالث :
فهو الحديث الذي أشار إليه عند الدارمى (2348) من طريق :
حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن الشريد ، قال : أتيت النبي ? فقلت : إن على أمي رقبة ، وإن عندي جارية سوداء نوبية ، أفتجزي عنها ؟ قال : ادع بها ……..الحديث .
قلت : وهذا الحديث دليل قاطع على تدليس السقاف ، فحديث مسلم إنما هو من رواية معاوية بن الحكم ، مما يدل على الواقعتين مختلفتان ، وأن واقعة الشريد في التفكير عن أمه ، وبها يفسر الحديثان السابقان ، وأما واقعة معاوية بن الحكم فتختص بعتقها لأنه صكها على وجهها .
فلا أدري كيف يُشذذ لفظة في حديث ورد في واقعة معينة بحديث آخر في واقعة أخرى ؟!!
وما أجود ما علقه شيخنا عبدالله بن يوسف الجديع على من يعل الحديث باختلاف اللفظ من أهل البدع .
قال حفظه الله – في تعليقه على (( ذكر الاعتقاد )) لأبي العلاء بن العطار (ص:75) :
(( من زعم الاختلاف في متنه فلم يصب ، لأنه احتج لما ذهب إليه بروايات أحسن مراتبها الضعف ، على أنها عند التحقيق لا تُعد اختلافاً ، وإنما أراد بعض أهل البدع التعليق بهذا لإبطال دلالة هذا الحديث على اعتقاد أهل السنة من أن الله فوق خلقه وأنه في مكان .
كذلك تشكيك بعض أهل الزيغ في ثبوت هذا الحديث في (( صحيح مسلم )) هو أوهي من بيت العنكبوت لمن علم وفهم وأنصف ، وشبهات أهل البدع لم تسلم منها آيات الكتاب فكيف تسلم منها السنن ؟؟!)) .
? وأخيراً أقول للسقاف :
قد ورد في القرآن الكريم ما يشهد لحديث الجارية ، ألم تقرأ قوله تعالى :
{ أأمنتم من السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير } {الملك : 16-17} .
? ومما يدل على علو الله عز وجل أيضاً :
الأحاديث الواردة في الإسراء والمعراج ، ومعراجه ? إلى السماوات العُلا ، وتردده بين الله سبحانه وتعالى وبين موسى عليه السلام في أمر الصلاة .
وفي الباب أحاديث أخرى صحيحة تثبت صفة العلو وذكرها مبسوط في كتب أهل العلم ، ولكن كان الاهتمام بذكر ما أعله السقاف منها .
——————————————————————————–
الجزء العشرون
أقوال أهل العلم الدالة على ثبوت صفة العلو للواحد القهار
وإليك أقوال أهل العلم الدالة على إثباتهم العلو لله سبحانه بذاته وصفاته .
عبدالله بن المبارك – رحمه الله – : عن علي بن الحسن بن شقيق ، قال : سألت عبدالله بن المبارك : كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا عز وجل ؟ قال : على السماء السابعة على عرشه ، ولا نقول كما تقول الجهمية : أنه هاهنا في الأرض . أخرجه عبدالله في (( السنة ))(22) ، والدارمى في (( الرد على الجهمية ))( ص: 23) ، والبيهقي في (( الأسماء والصفات ))(ص:427) وسنده صحيح . وأورده البخاري جازماً به في كتاب ((خلق أفعال العباد ))(14).
? لإمام مالك بن أنس – رحمه الله – : قال – رحمه الله – : الله عز وجل في السماء ، وعلمه في كل مكان ، ولا يخلو من علمه مكان . رواه أبو داود في (( المسائل ))(ص:263) ، وعبدالله في (( السنة )) ، والآجرى في ((الشريعة ))(ص:289) ، من طريق : الإمام أحمد ، عن سريج بن النعمان ، عن عبدالله بن نافع ، عن الإمام مالك به . وسنده حسن ، فعبدالله بن نافع الصائغ في حفظه لين ، إلا أنه صحيح الكتاب ، وحديثه عن الإمام مالك لا ينزل عن درجة الحسن .
? الحسن بن موسى الأشيب : قال : الجهمي إذا غلا قال : ليس ثم شئ – وأشار إلى السماء – . أخرجه الإمام البخاري في (( خلق أفعال العباد ))(69) بسند صحيح .
? حماد بن زيد : عن سليمان بن حرب قال : سمعت حماد بن زيد – وذكر هؤلاء الجهمية – قال : إنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء شيء . رواه عبدالله في (( السنة ))(41) ، وابن أبي حاتم في (( الرد على الجهمية )) كما في ((العلو)) للذهبي (ص:106-107) . وسنده صحيح .
? الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – : عن يوسف بن موسى البغدادي أنه قيل لأبي عبدالله أحمد بن حنبل : الله عز وجل فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه ، وقدرته وعمله في كل مكان ؟ قال : نعم على العرش ، وعلمه لا يخلو منه مكان . أورده اللالكائي (3/401) معلقاً ، وعزاه ابن القيم في (( اجتماع الجيوش ))(ص:123) إلى الخلال في كتاب السنة ، فعلى هذا يكون سنده صحيحاً ، فيوسف بن موسى هذا له ترجمة في (( تاريخ بغداد ))(14/308) ذكر فيها رواية الخلال عنه وثناؤه عليه وهو صاحب مسائل عن الإمام أحمد .
——————————————————————————–
الجزء الواحد والعشرون
معنى قول أهل السنة والجماعة : إن الله في السماء
إثبات أهل السنة لصفة العلو ، واحتجاجهم بحديث الجارية على أن الله في السماء ، ليس معناه إثبات الحلول له ، تعالى عن ذلك عز وجل ، وإنما عنوا بـ ((في)) أي: ((على)) . وليس هذا تأويلاً كما ادعى السقاف ، بل له نظائر في القرآن الكريم : قال تعالى : { ولأصلبنكم في جذوع النخل } أي : على جذوع النخل .
قال شيخنا العلامة المحدث المفيد عبدالله بن يوسف الجديع حفظه الله قي تعليقه المُنيف على كتاب (( ذكر الاعتقاد ، وذم الاختلاف )) لأبي العلاء بن العطار – رحمه الله – (ص:30) : (( الحق أن الله تعالى له جهة العلو ، وأنه مستو على عرشه ، بائن من خلقه ، وقول من قال من السلف والأئمة : إن الله في السماء إنما أراد حكاية القرآن : { أأمنتم من في السماء } وما ورد في حديث الجارية ونحو ذلك ، وليس معنى ذلك عندهم على الظرفية ، بل إن نصوص الفوقية والاستواء والعلو مفسرة ، لكون ( في ) بمعنى على ، وذلك نظير قوله تعالى : { ولأصلبنكم في جذوع النخل } )) .
قلت : وهذا يؤيده ما ذكره الذهبي في (( الأربعين في صفات رب العالمين ))(ص:87) حيث قال : (( ورد أنه – عز وجل – في السماء ، و ( في ) ترد كثيراً بمعنى ( على ) ، كقوله تعالى : { فسيحوا في الأرض } {التوبة :2} . أي : على الأرض . { ولأصلبنكم في جذوع النخل } {طه : 71} . أي على جذوع النخل ، فكذلك قوله : { أأمنتم من في السماء } {الملك :16} . أي : من على السماء )) .
——————————————————————————–
الجزء الثاني والعشرون
طعن السقاف وشيخه عبدالله الغماري في حماد بن سلمة للطعن في أحاديث الصفات
وقد سلك السقاف وشيخه عبدالله بن الصديق الغماري مسلك أهل البدع قبلهم في الطعن في أحاديث الصفات بالطعن في حماد بن سلمة – رحمه الله – الثقة الرضضي لنه روى جملة كبيرة من أحاديث الصفات ، حتى قالوا : عن شيطاناً ألقاها إليه ليضل بها أهل الحق ، ونسبوا هذا القول إلى إبراهيم بن عبد الرحمن ابن مهدي .
وأصل هذه القصة : وما أخرجه ابن عدي في (( الكامل ))(2/676) : عن الدولابي قال : حدثنا أبو عبدالله محمد بن شجاع بن الثلجي ، أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي ، قال : كان حماد بن سلمة لا يُعرف بهذه الأحاديث حتى خرج خرجة إلى عبادان ، فجاء وهو يرويها ، فلا أحسب إلا شيطاناً خرج إليه في البحر فألقاها إليه . وهذه قصة موضوعة ملفقة ، وضعها أبن الثلجي الكذاب ، فهو جهمي ضال خرب القلب ، كان يضع الحديث .
قال ابن عدي : (( كذاب ، وكان يضع الحديث ويدسه في كتب أصحاب الحديث بأحاديث كفريات )) .
وكان يفعل ذلك ليثلبهم ، ويلحق بهم في النقص .
والعدل والقسط في الحكم على أحاديثه التي رواها في الصفات ما ذكره شيخنا الجديع – حفظه الله – ، قال (23) :
(( ما صح سنده إليه وجب قبوله والإيمان به إن أسنده بالسند الصحيح ، وأهل البدع يجهلون طرق الحديث والمعرفة برواته ، ويتبعون الشبهات ، ولو أنهم علموا وتثبتوا وأخلصوا في النية لبان لهم أن ما ورد به الخبر الصحيح موافق لما ورد به القرآن ، ويحتذي فيه حذوه ، ولكن القوم عموا وصمّوا ، وتمكنت منهم الأهواء )) .
قلت : وقد صرح عبدالله الغماري بالطعن في في حماد بن سلمه في كتابه (( فتح المعين ))(ص:20) حيث قال :
(حماد بن سلمة وإن كان ثقة ، فله أوهام ، كما قال الذهبي ، ولم يخرج له البخاري ، ومن أوهامه ما رواه عن عكرمة ، عن ابن عباس : (( رأيت ربي جعداً أمرداً عليه حلة خضراء )) وروى عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر في لؤلؤ ، قدميه أو رجليه في خضرة ، قال الذهبي في الميزان ، فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة وهذه الرؤية منام إن صحت ) .
وقد علق السقاف على كلام شيخه هذا في الحاشية بقوله :
( وأقول : حماد بن سلمة إمام ثقة ، لكن لا ينبغي أن تقبل أخباره في الصفات البتة ، لأن ربيبيه كانا يدسان في كتبه ما شاءا ، وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (7/452) : إلا أنه طعن في السن ساء حفظه … فالاحتياط أن لا يحتج به فيما يخالف الثقات أ . هـ كلام الذهبي .
قلت : فما بالك برواياته التي يخالف بها نصوص التنزيه في الكتاب والسنة !! فتدبر ) .
قلت : أما كون البخاري لم يخرج من لحماد بن سلمة فقد أخذ عليه ذلك ، فقد أخرج عن قوم دونه في الضبط والإتقان .
قال الحافظ الذهبي في (( الميزان ))(1/594) :
(( نكت ابن حبان على البخاري ، ولم يسمعه حيث يحتج عبد الرحمن بن عبدالله بن دينار ، وبابن أخي الزهرى ، وبابن عياش ، ويدع حماداً )) .
قلت : والأصح أن يُقال : إن البخاري لم يمتنع عن إخراج حديثه مطلقاً ، بل له حديث عند البخاري في (( الصحيح )) .
قال الحافظ الذهبي في ترجمة حماد بن سلمة من (( السير ))(7/446) :
(( تحايد البخاري إخراج حديثه ، إلا حديثاً خرجه في الرقاق ، فقال : قال أبو الوليد : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس عن أبُي )) .
وعدم إخراج البخاري له كما زعم شيخ السقاف فليس بقادح فيه ، فالبخاري لم يشترط أن يخرج حديث الثقات جميعاً كما يعلم المبتدئ من طلاب العلم ، فإقحام مثل هذا القول عند الكلام على حماد بن سلمة دون ذكر الجواب عنه إنقاص من قيمته ، وإنزال من رتبته ، وهو من هو من الحفظ والضبط والإتقان ، وأقوال أهل العلم شاهدة على ذلك .
وأما قول السقاف : (حماد بن سلمة إمام ثقة ، لكن لا ينبغي أن تقبل أخباره في الصفات ألبتة ، لأن ربيبيه كانا يدسان في كتبه ماشاءا ) .
فمتناقض …
فكيف تقبل أحاديثه في غير الصفات ، وترد أحاديثه في الصفات مستدلاً على نحو ذلك بخبر موضوع وحكاية ملفقة .
إنما مستندك في ذلك :
ما رواه ابن عدي في (( الكامل ))(2/676) بالسند السابق ذكره إلى ابن الثلجي ، قال : سمعت عباد بن صهيب ، يقول : إن حماد بن سلمة كان لا يحفظ ، فكانوا يقولون ، إنها دست في كتبه ، وقد قيل : إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه ، فكان يدس في كتبه هذه الأحاديث .
وابن الثلجي كذاب كما مر ذكره .
وأما الأحاديث التي أوردها الغماري من رواية حماد بن سلمة في الرؤية ، ليطعن بها فيه ، فليس فيها ما يدل على أن الحمل عليه فيها ، فهو لم يتفرد برواية هذه الأحاديث من جهة :
قال الحافظ أبو أحمد بن عدي في (( الكامل ))(2/678) عقب روايته أحاديث الرؤية من طريق حماد :
(( هذه الأحاديث التي رويت عن حماد بن سلمة في الرؤية ، وفي رؤية أهل الجنة خالقهم ، قد رواها غير حماد بن سلمة ، وليس حماد بمخصوص به فينكر عليه )) .
ومن جهة أخرى فهي غير محفوظة عنه باللفظ المذكور .
وأما قول الذهبي : (( فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة )) .
فالجواب عنه من وجوه :
الأول : أن الحديث بهذا التمام الذي ذكره الذهبي منكر ، غير محفوظ عن حماد بن سلمة ، فالآفة فيه من غيره .
تفصيل ذلك :
أن الحديث صحيح من حديث حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ : (( بلفظ ربي عز وجل )) .
فقد أخرجه بهذا اللفظ :
الإمام أحمد ( 1/285) : حدثنا أسود بن عامر ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، بإسناده ومتنه .
وأخرجه من طريقه : أبو القاسم الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة ))(1/509) . وقد اختلف في متنه على أسود بن عامر .
فرواه ابن عدي في (( الكامل ))(2/677) من طريق : النضر بن سلمة شاذان ، حدثنا الأسود بن عامر ، بسنده ، بلفظ : (( أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد من دونه ستر من لؤلؤ ، قدميه ، أو قال : رجليه في خضرة )) .
وهذا سند واه بمرة ، آفته النضر بن سلمة – شاذان – قال أبو حاتم : (( كان يفتعل الحديث )) .
وقال عبدان : سألنا عباس العنبري عن النضر بن سلمة ، فأشار إلى فمه ، قال ابن عدي : (( أراد أنه يكذب )) .
ولكن رواه ابن عدي في (( الكامل ))(2/677) ، والدار قطنى في (( الرؤية ))(300) كلاهما عن الحسن بن علي بن عاصم ، حدثنا إبراهيم بن أبي سويد الذراع ، حدثنا حماد بن سلمة بإسناده .
ولفظه عند ابن عدي : (( رأيت ربي جعداً أمرد عليه حلة خضراء )) .
ولفظه عند الدار قطنى : (( رأيت ربي في أحسن صورة )) .
قلت : وهذا إسناد تالف ، آفته الحسن بن علي بن زكريا بن صالح بن عاصم ، وله ترجمة في (( تاريخ بغداد ))(7/382) .
قال ابن عدي : (( أبو سعيد الحسن بن علي العدوي يضع الحديث ، ويسرق الحديث ، ويلزقه على قوم آخرين ، ويحدث عن قوم آخرين ، ويحدث عن قوم لا يعرفون ، وهو متهم فيهم ، وإن الله لم يخلقهم ، وعامة ما حدث به – إلا القليل – موضوعات ، وكنا نتهمه بل نتيقنه أنه هو الذي وضعها )) ، وقال الدار قطنى : (( متروك )) ، وقال ابن حبان : (( لعله قد حدث عن الثقات بالأشياء الموضوعات ما يزيد على ألف حديث )) .
ورواه ابن عدي من طريق : محمد بن رزق الله موسى ، حدثنا السود ابن عامر ….. بسنده وبلفظ :
(( رأيت ربي في صورة شاب أمرد جعد عليه حلة خضراء )) .
قلت : ومحمد بن رزق الله بن موسى هذا قد أطلت البحث عنه فلم أعرفه ، ولا أظنه الذي ترجمه الخطيب في (( تاريخ بغداد ))(5/27) باسم محمد بن رزق الله الكلوذاني .
ورواه ابن عدي من طريق محمد بن رافع ، حدثنا الأسود بن عامر بسنده وبلفظه حديث الحسن بن علي بن عاصم .
ومن طريقه البيهقي في (( الأسماء والصفات ))(ص:444) .
ومن طريق الذهبي في (( السير ))(10/113) ، وقال :
(( وهو خبر منكر )) .
قلت : لاشك في ذلك ، والحمل فيه على محمد بن رافع ، فهذه الزيادة في هذا الحديث قد تفرد بها عن الأسود ، وخالفه الإمام أحمد فرواه عن الأسود من غير زيادة ، ومحمد بن رافع وإن كان ثقة إلا أنه دون الإمام أحمد في الحفظ والضبط والإتقان ، فهذه الزيادة منكرة كما ترى .
فإن قيل : ولكن رواه غيره عن الأسود بهذه الزيادة ؟
فالجواب : إن الطرق ضعيفة إلى الأسود كما سبق أن ذكرنا بل بعضها تالفة واهية .
وقد رواه غير الأسود عن حماد ، فلم يذكر هذه الزيادة ، مما يدل على أن حماداً لم يحدث بهذا الحديث على هذا الوجه المنكر .
فالحديث قد أخرجه الآجرى في (( الشريعة ))(ص :494) حدثنا أبو بكر بن أبي داود ، قال : حدثنا الحسين بن كثير العنبري ، قال : حدثنا أبي ، قال :حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، مرفوعاً :
(( رأيت ربي عز وجل )) .
وسنده صحيح .
رواه الإمام أحمد (1/290) ، وابن أبي عاصم في (( السنة ))(433) وابن عدي (2/677) من طريق : عفان ، حدثنا عبد الصمد بن كيسان ، حدثنا حماد بن سلمة بالسند والمتن السابق.
ولكن رواه الخطيب في (( تاريخه ))(11/214) من طريق : عمر ابن موسى ابن فيروز ، حدثنا عفان ، فذكره بإسناده ولكن زاد :
(( صورة شاب أمرد عليه حلة حمراء )) .
قلت : وهذه زيادة منكرة ، تفرد بها عمر بن موسى بن فيروز التوزى ، وهو مستور ، ذكره الخطيب في ((تاريخه ))(11/214) ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وقد خالف كلاً من الإمام أحمد بن حنبل ، وحنبل بن إسحاق ، وفضل ابن سهل ، فرووه من غير هذه الزيادة .
ولكن في هذا الإسناد عبد الصمد بن كيسان ، قال الحافظ في ((تعجيل المنفعة))(ص:26):
(( عبد الصمد بن كيسان : عن حماد بن سلمة ، وعنه عفان ، فيه نظر ، قلت : أظنه الأول ، تصحف اسمه )) .
يقصد بذلك عبد الصمد بن حسان ، وهو صدوق حسن الحديث كما يظهر من ترجمته في (( التعجيل )) ، فقد وثقه ابن سعد ، وقال أبو حاتم : ((صالح الحديث ، صدوق)) ، وقال الذهبي : (( صدوق إن شاء الله )) .
فهذا يدلك على أن ما ورد في المتن من نكارة إنما هو من قلة ضبط من روى الحديث عن الأسود بن عامر ، وليس هو بمحفوظ بهذا المتن المنكر عن حماد بن سلمة ، وإنما المحفوظ عنه من حديثه ، لفظ :
(( رأيت ربي عز وجل )) .
وهذا الحديث قد صححه جماعة من الحفاظ منهم الإمام أحمد بن حنبل ، وأبو زرعة الرازي ، وغيرهما .
ففي (( رسالة عبدوس بن مالك العطار عن الإمام أحمد )) رحمه الله (ص:58) ، قال :
(( أصول السنة عندنا :…… والإيمان بالرؤية يوم القيامة كما روى عن النبي ? من الأحاديث الصحاح ، وأن النبي ? قد رأى ربه ، فإنه مأثور عن رسول الله ? ، صحيح ، رواه قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، ورواه الحكم ابن أبان ، عن عكرمة عن ابن عباس ، ورواه علي بن الزيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس )) .
وقال عبدالله بن الإمام أحمد في (( السنة ))(584) :
(( رأيت أبي رحمه الله يصحح هذه الأحاديث أحاديث الرؤية ويذهب إليها وجمعها في كتاب وحدثنا بها )) .
وروى الضياء في (( المختارة )) عن أبي زرعة الرازي ، قال (24) :
(( وحديث قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس صحيح ، ولا ينكره إلا معتزلي )) . يعتني باللفظ المختصر .
ولا يتوهم – كما يحاول أن يبث السقاف في روع القراء – أن أهل السنة والجماعة يثبتون الحديث بهذه الزيادة المنكرة الواردة فيه ، والتي سبق أن بينا أن الحمل فيها على من هو دون حماد بن سلمة وليست الآفة منه .
والوجه الثاني : أن قول الذهبي هذا مجمل ، وليس بحجة على أن الحمل في هذا الخبر عند الذهبي على حماد بن سلمة لأنه لما روي هذا الحديث في ((السير))(10/113)،قال :
(( خبر منكر نسأل الله السلامة في الدين فلا هو على شرط البخاري ، ولا مسلم ، ورواته وإن كانوا غير مهتمين ، فما هم بمعصومين من الخطأ والنسيان )) .
والوجه الثالث : أننا لو سلمنا بصحة أسانيد هذا الخبر – بهذه الزيادة – إلى حماد بن سلمة ، فكيف تغاضى السقاف عن عنعنة قتادة بن دعامة السدوسي وهو عنده وعند شيوخه مدلس ، ولو تعاضى عن هذه العلة فاين من أعل هذه الرواية بعكرمة ؟!
قال البيهقي في (( الأسماء والصفات )) : (( وقد حمل غيره من أهل النظر في هذه الرواية على عكرمة مولى ابن عباس )) .
قلت : ونحن لا نحاول دفع التهمة عن حماد ، لنصيب بها غيره ، وإنما غايتنا أن السقاف إنما تغاضى عن بيان هذه العلل كلها حتى يسلم له اتهام حماد بن سلمة ، كما هو الحال عند أسلافه من المعتزلة .
والسقاف متناقض ..
فتارة يوثق حماد بن سلمة في غير أحاديث الصفات ، فيقول – كما مر ذكره – :
( حماد بن سلمة إمام ثقة ، لكن لا ينبغي أن تقبل أخباره في الصفات ألبتة ) .
ثم يأتي في موضع آخر من قراطيسه – وهو تعليقه على (( دفع شبه التشبيه ))(ص :19) – فتدفعه عقيدته الاعتزالية إلى الطعن فيه بشدة فيقول :
( نحن نغمز حماد بن سلمة أشد الغمز ، خصوصاً في أحاديثه في الصفات ).
وتراه يتعالم بخبث طوية ، فيقول (ص : 178-179) :
( حماد بن سلمة ضعفه مشهور ، وإن كان من رجال مسلم ، وقد تحايده البخاري ، كما في (( الميزان ))(1/594) في ترجمته ) .
فلا أدري كيف يقول في موضع : (( إمام ثقة )) ، ثم يتناقض نفسه في موضع آخر فيقول : (( ضعفه مشهور )) .
والأغرب من ذلك أن يعل حديث أبي رزين العقيلي مرفوعاً :
(( كان علماء ما تحته هواء ، وما فوقه هواء ، ثم خلق عرشه على الماء )) ،بحماد بن سلمة وفيه من هو أوهي منه .
قال (ص : 189) :
(وهذا حديث ضعيف لأجل حماد بن سلمة ، ولا تقبل أخباره في الصفات ألبتة ، وكذلك يضعف هذا الحديث بوكيع بن عدس ، لأنه مجهول لم يرو عنه إلا يعلى بن عطاء) .
قلت : فقدم إعلال الحديث بحماد مع أن فيه من هو أضعف منه – وهو وكيع – ووكيع هذا قد حدث بالحديث قبل حماد ، فالآفة فيه منه ، وليست من حماد ، ولكن دفعه إلى ذلك مادفع المعتزلة من قبله إلى الطعن في حماد .
ولن أكلف نفسي الجهد في جمع أقوال أهل العلم في تعديل وتوثيق حماد ابن سلمة فهي كثيرة جداً ، ومبسوطة في ترجمته في كتب الرجال و (( السير )) للذهبي ، حتى عُد حبه من علامة اتباع السنة ، وبغضه والقيعة فيه من علامة البدعة .
——————————————————————————–
الجزء الثالث والعشرون
طعن السقاف في محمد بن إسحاق بن يسار صاحب (( السير ))
ولكن : هل اكتفى السقاف بالطعن في حماد بن سلمة فقط ؟ لا ، بل أيضاً في محمد بن إسحاق بن يسار صاحب (( السير )) وذلك لأنه روى حديثاً يخالف معتقد السقاف . قال السقاف في تعليقه على (( دفع شبه التشبيه ))(ص: 267) : ( محمد بن إسحاق عنعن هذا الحديث ولا حجة بحديثه إذا عنعن عند من يحسن حديثه ، والحقيقية أنه قد كذبه وطعن فيه جماعة من كبار الأئمة كما في ترجمته في (( التهذيب ))(9/34فكر ) ، فقد طعن فيه الإمام أحمد بن حنبل وكذبه الإمام مالك أيضاً ، وسليمان التيمي ، ويحيى القطان ، ووهيب بن خالد وهؤلاء من أئمة هذا الشأن ) .
قلت : ولن أجيب على كلام السقاف السابق طعما في تصحيح الحديث الذي رواه ابن إسحاق ، بل للإنصاف وللأمانة العلمية وللعدل في القول الذي يجب على كل طالب علم أن يحرص عليه ، فقد قال تعالى : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً } {النساء :58} . وابن إسحاق هذا حافظ كبير ، عليه مدار أحاديث كثيرة في الأحكام ، وفي السير ، وفي غيرهما ، والتسرع في الحكم عليه ، أو تلفيق حكم زائغ عليه ، بلية من البلايا . وسوف أكتفي بالإجابة عما أورده السقاف من دعوى طعن أهل العلم فيه بما يرد حديثه .
——————————————————————————–
الجزء الرابع والعشرون
((الجواب عما أورده السقاف من أسباب رد حديث ابن إسحاق مطلقاً ))
أما قوله : (وكذبه الإمام مالك أيضاً ، وسليمان التيمي ، ويحيى القطان ، ووهيب بن خالد ، وهؤلاء من أئمة هذا الشأن ) . فإنه لم يورد ما أجيب به عما ذكره من تكذيب سليمان التيمي ، ويحيى القطان ، ووهيب ، ففي (( التهذيب )) – ومنه نقل السقاف – : (( وقال ابن المديني : ثقة ، لم يضعه عندي إلا روايته عن أهل الكتاب ، وكذبه سليمان التيمى ، ويحيى القطان ، ووهيب بن خالد ، فأما وهيب والقطان فقلدا فيه هشام بن عورة ، ومالكاً ، وأما سليمان التيمى ، فلم يبين لى لأي شئ تكلم فيه ، والظاهر أنه لأمر غير الحديث ، لأن سليمان ليس من أهل الجرح والتعديل )) .
قلت : فهذا دال على أن قول سليمان التيمي فيه لا يضره بنص حافظ كبير وإمام جهبذ في الجرح والتعديل وهو ابن المديني .
وأما دعوى تكذيب وهيب بن خالد ويحيى القطان فمستندها قصة موضوعة ، وأصلها :
ما أخرجه العقيلي في (( الضعفاء ))(4/24) ، وابن عدي في (( الكامل ))(6/2117) من طريق :
عبد الملك بن محمد ، حدثني سليمان بن داود ، قال : قال لي يحيى بن سعيد القطان : أشهد أن محمد بن إسحاق كذاب ، قال : قلت : وما يدرك ؟ قال : قال لي وهيب بن خالد ، فقلت لوهيب : ما يدريك ؟ قال : قال لي مالك بن أنس ، فقلت لمالك بن أنس : ما يدريك ؟ قال : قال لي هشام بن عروة ، قال : قلت لهشام بن عورة : وما يدريك : قال : حدث عن امرأتي فاطمة بنت المنذر ، وقد دخلت علي وهي بنت تسع سنين ، وما رآها حتى لقيت الله عز وجل .
والإجابة عن هذه القصة من وجهين :
الأول : أن هذه القصة مختلفة موضوعة ، والمتهم بها سليمان ابن داود الشاذكوني ، وقد انتقدها الذهبي في (( سير أعلام النبلاء ))(7/49) ، فقال :
(( معاذ الله أن يكون يحيى وهؤلاء بدا منهم هذا بناء على أصل فاسد واه ، ولكن هذه الخرافة من صنعة سليمان وهو الشاذكوني – لا صبحه الله بخير – فإنه مع تقديمه في الحفظ ، متهم عندهم بالكذب ، وانظر كيف سلسل الحكاية .
ويبين لك بطلانها أن فاطمة بنت المنذر لما كانت بنت تسع سنين لم يكن زوجها هشام خلق بعد ، فهي أكبر منه بنيف عشرة سنة ، وأسند منه ، فإنها روت كما ذكرنا عن أسماء بنت أبي بكر ، وصح أن ابن أبي إسحاق سمع منها ، وما عرف بذلك هشام ، أفبمثل هذا القول الواهي يكذب الصادق )) .
الثاني : أنه لو صحت هذه القصة فمستند التجريح والطعن في ابن إسحاق ضعيف ، فإن سماعه من فاطمة ثابت وإن نفاه هشام بن عروة ، وإن أقسم على ذلك كما ورد في بعض الأخبار عنه .
قال الذهبي في (( السير ))(7/38) :
(( هشام صادق في يمنيه ، فما رآها ، ولا زعم الرجل – ( أي ابن إسحاق ) – أنه رآها ، بل ذكر أنها حدّثته ، وقد سمعنا من عدة نسوة وما رأيتهن )) .
وأما تكذيب الإمام مالك لابن إسحاق :
فإنما هو من قبيل كلام القرآن بعضهم في بعض ، فقد وقع ابن إسحاق في مالك ، ووقع مالك في ابن إسحاق ، هذا إن صح أنه قد كذبه .
وقد تتبعت ما روى عن مالك في تكذيب ابن إسحاق فلم أجد ما يصح في ذلك ، وإنما أشد ما قال فيه : (( دجال من الدجاجلة )) ، ولا يقتضي هذا القول تجريحاً كما سوف يأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
وأما الأخبار التي وردت في تكذيب مالك لا بن إسحاق ، فهي :
1 – ما رواه ابن عدي في (( الكامل ))(6/2116) : حدثنا ابن حماد ، حدثني أبو عون محمد بن عمرو بن عون الواسطى ، حدثنا محمد بن يحيى بن سعيد ، حدثنا عفان ، عن وهيب ، قال : سمعت مالك بن أنس يقول : هو كذاب . قلت : وهذا إسناد ضعيف فيه شيخ ابن عدي ، وهو محمد بن أحمد بن حماد ، أبو بشر الدولابي ، قال ابن عدي : (( هو متهم فيما يقوله في نعيم بن حماد لصلابته في أهل الرأي )) ، وقال ابن يونس : (( كان يضعف )) ، وقال الدار قطنى : (( تكلموا فيه ، ما تبين من أمره إلا خير )) . ومحمد بن يحيى بن سعيد هو ابن القطان ، تفرد ابن حبان بذكره في (( الثقات ))(9/82) ، وأورده ابن أبي حاتم في (( الجرح والتعديل ))(1/4/123-124) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وأما ابن جحر فقال : (( ثقة )) ، فلا أدري ما مستند التوثيق عنده ، ولم يوثقه معتبر ؟!!
2 – ما رواه العقيلي في (( الضعفاء ))(4/24) : حدثنا أحمد بن علي الأبار حدثنا إبراهيم بن زياد – سبلان – ، حدثنا حسين بن عروة ، قال : سمعت مالك بن أنس يقول : محمد بن إسحاق كذاب . قلت : وهذا الإسناد فيه : حسين بن عروة ، ضعفه الساجي والأزدي ، وقال أبو حاتم : (( لا بأس به )) . وقول أبي حاتم هذا معناه أن يكتب حديثه وينظر فيه ، أي انه لا يحتج به على إطلاقه ، كما بين ذلك ابنه في (( الجرح والتعديل ))(1/1/37) . والحسين بن عروة قد تفرد بهذه الحكاية عن مالك ، ولم يشاركه أحد من أصحاب مالك في حكايتها عنه ، فهل أسر بها مالك إليه ؟!! .
لقد تبين الإمام مسلم رحمه الله أن الرواي وإن كان ثقة أو صدوقاً إذا تفرد بحديث أو خبر عن حافظ كبير ، فلم يشاركه في هذا الخبر أحد من أصحاب هذا الحافظ ، كان تفرده بهذا الخبر منكراً مردوداً .
قال الإمام مسلم – رحمه الله – في مقدمة (( الصحيح ))(1/7) :
(( فأما من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره ، أو لمثل هشام بن عروة ، وحديثها عند أهل العلم مبسوط مشترك ، قد نقل أصحابهما عنهما حديثها وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم ، فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس )) .
ولكن صح عن مالك انه قال في ابن إسحاق : (( دجال من الدجاجلة )) .
وهذا الوصف لا يؤخذ منه جرح ، ولا يعول عليه خصوصاً وأنه قال هذا القول لما أخبر أن ابن إسحاق يقول : اعرضوا على علم مالك ، فإنى أنا بيطاره .
وقيل : إنه قال ذلك لما طعن ابن إسحاق في نسب الإمام مالك .
قال الذهبي في (( السير ))(8/711) :
(( وروي عن ابن إسحاق أن زعم أن مالكاً وآله موالي بني تيم ، فأخطأ ، وكان ذلك أقوى سبب في تكذيب الإمام مالك له ، وطعنه عليه )) .
ولو نظر السقاف إلى ترجمة ابن إسحاق في (( التاريخ الكبير )) للبخاري ، لوجد أن الإمام البخاري – رحمه الله – لم يورد فيه إلا التعديل ، ولم يورد فيه كلام الطعن وخصوصاً كلام مالك ، فكأنه لا يثبت عنده قول مالك بتكذيبه ، أو أن ذلك عنده لأمر غير الرواية ، فهو من قبيل كلام الأقران ، ولا يقبل كلام الأقران بعضهم في بعض .
يدل على ذلك ما نقله الذهبي في (( السير ))(7/4) ، قال :
(( قال البخاري : ولو صح عن مالك تناوله من ابن إسحاق ، فلربما تكلم الإنسان ، فيرمي صاحبه بشىء واحد ، ولايتهمه في الأمور كلها )) .
وقال الذهبي في (( الميزان ))(3/471) :
(( لم يذكر ابن إسحاق أبو عبدالله البخاري في كتاب الضعفاء له )) .
وقد نفى التهمة عن ابن إسحاق سفيان بن عيينة .
قال ابن أبي حاتم في (( الجرح والتعديل ))(2/3/192) :
حدثنا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل ، حدثنا على بن المديني ، قال : سمعت سفيان بن عيينة سئل عن محمد بن إسحاق ، فقيل له : لم يرو أهل المدينة عنه ، قال :
جالست ابن إسحاق بضعاً وسبعين سنة ، وما يتهمه أحد من أهل المدينة ، ولا تقول في شيئاً .
وسنده صحيح .
وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري– فيما نقله الذهبي في((السير))(7/39)-:
(( الذي يذكر عن مالك في ابن إسحاق لا يكاد يُتبن )) .
وقال الذهبي في (( السير ))(7/44) :
(( وقال يعقوب بن سيبة : سألت علياً – يعني ابن المديني – : كيف حديث ابن إسحاق عندك ، صحيح ؟ فقال : نعم ، حديثه عندي صحيح ، قال : فكلام مالك فيه ؟ قال: مالك لم يجالسه ولم يعرفه ، وأي شيء حدث به ابن إسحاق بالمدينة ؟!! )).
وأما قول السقاف :
( طعن فيه الإمام أحمد ) .
فإنما حمل عليه الإمام أحمد لتدليسه ، وأما صرح بالسماع فيحتج به إذا لم ينفرد بمنكر .
وقد نقل الذهبي في (( الميزان ))(3/469) عن الإمام أحمد قوله :
(( حسن الحديث )) .
وفي (( بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم )) ليوسف بن حسن ابن عبد الهادي (ص:363) :
(( قال ابن إبراهيم – (أي إسحاق بن إبراهيم بن هانئ ) – :
قلت : محمد بن إسحاق في الزهرى ؟ قال هو ثقة ، ولكن معمر ومالك وهؤلاء أوثق منه )) .
وأما ما نقل عنه أنه قال : (( كان ابن إسحاق يشتهي الحديث ، فيأخذ كتب الناس فيضعها في كتبه )) .
فلا يدل على جرح ، وقد أجاب عن ذلك الحافظ الذهبي في (( السير ))(7/46) ، فقال :
(( هذا الفعل سائغ ، فهذا الصحيح للبخاري فيه تعليق كثير )) .
والقول العدل في محمد بن إسحاق :
ما قاله الإمام الذهبي في (( السير ))(7/41) :
(( له ارتفاع بحسبه ، ولا سيما في السير ، وأما في أحاديث الأحكام ، فينحط حديثه فيه عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن ، إلا فيما شذ فيه ، فإنه يعد منكراً هذا الذي عندي في حاله )) .
قلت : وهذا الذي نأخذ به ، ولا نحتج بما لم يصرح فيه بالسماء ، فإنه مكثر من التدليس ، ولا نغالي فيه فنقول : صحيح الحديث ، بل هو حسن الحديث إذا لم يخالف أو لم يتفرد بأصل أو سنة لم يأت بها غيره من الثقات . والله الهادي إلى سواء السبي
——————————————————————————–
الجزء الخامس والعشرون
إثبات رؤية الرب في الآخرة وتخبط السقاف في إثبات ذلك
وقد ذهب السقاف مذهب المعتزلة في نفي رؤية الرب عز وجل في الآخرة ، فقال في كتابه (( احتجاج الخائب بعبارة من ادعى الإجماع فهو كاذب ))(ص:39) : ( اعلم أولاً : أن الإمام أحمد – رحمه الله تعالى – كذب عليه الناس كثيراً ، من ذلك ما في كتاب السنة المنسوب لابنه ، ذكر فيه أن الإمام أحمد يقول بجلوس الله تعالى على العرش ، وحاشاه من ذلك ، ولو ثبت هذا عنه فهو مردود عليه بنصوص الكتاب والسنة المنزهة للمولى تبارك وتعالى عن مشابهة الحوادث والمخلوقات ، { ليس كمثله شيء } وإني أنقل أحد تلك النصوص الفظيعة الشنيعة المثبتة في كتاب الزيغ المسمى بكتاب السنة ، فأقول : لو نظرنا ص:79 لوجدنا مانصه : ذكر الكرسي : سئل – أي أحمد – عما روى في الكرسي وجلوس الرب عليه . رأيت أبي ? يصحح هذه الأحاديث – أحاديث الرؤيا – ويذهب إليها وجمعها في كتاب وحدثنا به .. إلى آخر ذلك الهراء الوثنى ، ومقام الإمام أحمد يجل عن هذه الوثنية التي تشمئز منها الأرواح ) .
قلت : بل هي سلفية تلين لها قلوب المؤمنين ، وتغلظ منها قلوب الزائغين أمثال السقاف المبتدع . والجواب عن هذا الكلام من وجوه :
الأول : أن كتاب (( السنة )) لعبد الله بن الإمام أحمد – رحمهما الله – الذي حاول السقاف الطعن في نسبته لمصنفه ثابت النسبة حاول السقاف الطعن في نسبته لمصنفه ثابت النسبة إلى عبدالله بن أحمد كما بيناه من قبل في هذا الكتاب ، وقد ذكرنا هناك كذب السقاف في تلفيق إسناد كتاب الرد على الجهمية لهذا الكتاب – (( السنة )) – .
الثاني : أننا لو سلمنا للسقاف أن هذا الكتاب غير صحيح النسبة لعبدالله بن الإمام أحمد ، فليس هذا معناه أن هذا النص غير ثابت عنه ، بل هو صحيح ثابت عن الإمام أحمد . فقد رواه ابن النجاد الفقيه – رحمه الله – في كتاب (( الرد على من يقول القرآن مخلوق )) . وفي (( مسائل إسحاق بن إبراهيم النيسابوري ))(2/152/1850) قال : (( سمعت أبا عبدالله يقول : من لم يؤمن بالرؤية فهو جهمي ، والجهمي كافر )) .
الثالث : أن أحاديث الرؤية الصحيحة المثبتة لهذه السلفية – ( أو وثنيتك التي تدعيها خيبك الله ) – كثيرة بلغت حد التواتر ، وهو مما يفيد العلم اليقيني عندك كما أثبت في غير موضع من كتبك . قال أبو الفيض الكتاني في (( نظم المتناثر من الحديث المتواتر ))(ص:153) بعد أن ذكر أحاديث الرؤية : (( وقال اللقاني في شرح جوهرته : أحاديث رؤية الله تعالى في الآخرة بلغ مجموعها مبلغ التواتر ، مع اتحاد ما تشير إليه ، وإن كان تفاصيلها آحاداً )) .
فلا أدري كيف يخالف السقاف في هذه المسألة ، مع صحة الأحاديث الواردة في فيه ، ومع إثبات صاحب جوهرته للرؤية . بل قال شيخه–المنسوب إليه–أبو الحسن الأشعري في ((رسالته إلى أهل الثغر))(ص:76): (( وأجمعوا على أن المؤمنين يرون الله عز وجل يوم القيامة بأعين وجوههم )) .
وإليك أيها القارئ السلفي الأثري – وإليك أيضاً أيها السقاف المعتزلي – جملة مما صح في هذا الباب من أحاديث .
1 – حديث جرير بن عبدالله البجلي ? : قال : كنا جلوساً عند رسول الله ? ، إذا نظرنا إلى القمر ليلة البدر ، فقال :(( أما أنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ، لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها )) – يعني العصر والفجر – ثم قرأ جرير : { وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها } {طه : 130} . أخرجه البخاري (1/105) ، ومسلم (1/4339) ، وأبو داود (4729) ، والترمذي (2551) ، والنسائي في (( الكبرى ))( تحفه : 2/427) ، وابن ماجة (177) من طريق : قيس بن أبي حازم ، عن جرير به .
2 – حديث أبي هريرة ? : قال : قال ناس : يارسول الله ! أنرى ربنا عز وجل يوم القيامة ؟ قال : (( هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة ؟!)) ، قالوا : لا ، قال : (( والذي نفسي بيده لا تضارون في رؤيته إلا كما تضارون في رؤية أحدهما )) . أخرجه مسلم (4/2279) ، وأبو داود (4730) من طريق : سفيان بن عيينة ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة به .
3 – حديث أبي سعيد الخدري ? : قال :قلنا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : (( هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحواً ؟ )) قلنا : لا ، قال : (( فإنما لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضرون في رؤيتهما )) . أخرجه البخاري (4/285) ، ومسلم (1/167) من طريق : عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد مطولاً .
4 – حديث صهيب بن سنان النمري ? : مرفوعاً : (( إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال : يقول تبارك وتعالى ، تريدون شيئاً أزيدكم ، فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة ، وتنجينا من النار ؟ قال : فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل )) . أخرجه مسلم (1/163) ، والترمذي (2552) ، وابن ماجة (187) من طريق : عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب به .
5 – حديث أبي موسى الأشعري ? : مرفوعاً : (( جنتان من فضة آنيتهما وما فيها ، جنتان من ذهب آنيتهما وما فيها ،وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن)) . أخرجه البخاري (4/287) ، ومسلم (1/163) ، والترمذي (2528) ، من طريق : أبي بكر بن أبي موسى ، عن أبيه به.
والعجيب حقاً : أن يتناقض السقاف : صاحب كتاب (( تناقضات الألباني ))؟!! – فيثبت حديث الرؤية في موضع آخر من كتبه . حيث قال في تعليقه على كتاب ابن الجوزي الجهمي (( دفع شبه التشبيه ))(ص:210) – تعليقاً على قول ابن الجوزي : (( كما وقع الشبه في رؤية الحق سبحانه برؤية القمر في إيضاح الرؤية لا في تشبيه المرئي )) -: قال السقاف : ( أي عندما قال ? في الحديث الصحيح : (( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته )) كان معنى كلامه : أي أنكم سترون ربكم ، وسوف لا تشكون هل الذي رأيتموه هو ربكم أم لا كما أنكم إذا رأيتم القمر فإنكم لا تشكون أن الذي ترونه هو القمر ليلة البدر ، وليس معنى ذلك أن الله يشبه البدر حاشاً وكلا )) . فانظر أيها اللبيب إلى هذا التناقض العجيب ، والتخبط الشديد في اعتقاد هذا الرجل.
——————————————————————————–
الجزء السادس والعشرون
طعن السقاف المبتدع في السني ابن السني عبدالله بن الإمام أحمد ـ رحمهاالله ـ
والسقاف كعادته كثير الطعن في علماء أهل السنة والجماعة ، ولم يسلم منه أحد من أئمة السلف حتى عبدالله بن الإمام أحمد – رحمه الله – فقد قال في كتابه الخائب ((احتجاج الخائب ))(ص: 11) : (( فإذا علمت أنهم كذبوا على الإمام أحمد في كتب يدعون أن لها أسانيد صحيحة ، وأن عليها سماعات إلى غير ذلك من هذيان فارغ ، علمت أن هذه اللفظة ربما تكون من جملة تلك الكذبات أو الفريات وخصوصاً أنها من طريق ابنه عبدالله عنه ، ككتاب الزيغ )) .
فقوله : (( وخصوصاً أنها من طريق ابنه عبدالله عنه )) يدل على ما يكنه قلب هذا الحاقد من كره لأهل السنة والجماعة ، ومنهم عبدالله بن الإمام أحمد – رحمه الله – . وإذا علمت أنه تطاول بخبث وعنجهية وتكلم في معاوية بن أبي سفيان – ? – كاتب الوحي ، وخال المؤمنين ، فلا تستكبر بعد ذلك أن يتكلم في عبدالله بن الإمام أحمد ، أو حتى في الإمام أحمد نفسه ، أو غيره من أئمة السلف .
——————————————————————————–
الجزء السابع والعشرون
بيان تلبيس السقاف في تضعيفه لحديث السبُحات الذي رواه مسلم والرد عليه
قال تعليقاً على الحديث الأول الذي رواه مسلم من رواية أبي موسى ? موفوعاً : (( إن الله لا ينام ولا ينبغي أن ينام ، يخفض القسط ، ويرفعه . . .)) . إلى قوله : (( حجابه النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه )) . وفي تعليقه على كتاب ابن الجوزي (ص:200) : ( هذا الحديث من مشكل صحيح مسلم ، لما فيه من الألفاظ والمعاني الغريبة ، وقد أشار مسلم إلى عنعنة الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، وكان مدلساً كما هو معلوم ، فهذه رواية شاذة لا سيما وقد أشار مسلم بعدها إلى علة فيها ، ثم روى الحديث بعد ذلك بلفظ معقول شرعاً من طريق شعبة ، عن عمرو بن مرة بلفظ : (( إن الله لا ينام ، و لاينبغي له أن ينام ، يرفع القسط ويخفضه ، ويرفع إليه عمل النهار بالليل ، وعمل الليل بالنهار )) . فلفظ السبحات : لا يثبت ، ولا يجوز أن يجزم به صفة لله تعالى ، وخصوصاً أن الحافظ ابن الجوزى حكى عن أبي عبيدة : أنه لا يعرف السبحات في لغة العرب ، أي لم يسمعها إلا في هذا الحديث ) .
قلت : وهذا الكلام على وهنه ووهائه فيه ما فيه من التلبيسات والتدليسات .
أولها : قوله : (وقد أشار مسلم بعدها إلى علة فيها ) .
? قلت : إنما قال مسلم عقب رواية هذا الحديث – وهو الأصل في الباب عنده ، ومابعده متابعات له ، والمتابعة ليس لها شرط الصحيح ، وإنما كتاب مسلم هذا في الصحيح وليس في العلل أيها المتهالك – : وفي رواية أبي بكر : (( عن الأعمش )) ولم يقل حدثنا . يقصد هنا : أبا معاوية الضرير ، فهو الذي لم يصرح بالسماع في رواية أبي بكر بن أبي شبية ، ولم يقصد بذلك عنعنة الأعمش على أنها علة كما لبّس السقاف ، وهذا من باب ذكر الاختلاف في الرواية ، وهو مما ميز صحيح مسلم على صحيح البخاري ، وقد صرح أبو معاوية بالسماع في الرواية الأخرى عند مسلم ، وهي رواية أبي كريب عنه . وصرح في رواية علي بن حرب عند أبي عوانة في (( المستخرج ))(1/145) .
ثانيها :محاولته إعلال الحديث بعنعنة الأعمش .
وهذا مردود من وجهين :
الأول :أن هذا الحديث قد رواه عن الأعمش ثلاث أنفس ، وهم : ابو معاوية ن وسفيان الثوري (25) ، وجرير ولم يختلف على الأعمش فيه ، مما يدل على أنه لم يدلسه .
الثاني : أن الأعمش لم يتفرد برواية هذا الحديث عن عمرو بن مرة بهذا اللفظ ، وغنما تابعه عليه المسعودى . أخرجه الإمام أحمد في (( المسند ))(4/400-401) ، وابن ماجة (196) من طريق : وكيع ، عن المسعودى به .
قلت : والمسعودى ثقة اختلط ، إلا أن سماع وكيع منه قبل الاختلاط . قال الإمام أحمد – كما في (( العلل ومعرفة الرجال )) برواية عبد الله (1/325/575) – : (( سماع وكيع من المسعودى بالكوفة قديم وأبو نعيم أيضاً ن وغنما اختلط المسعودى ببغداد ، ومن سمع منه بالبصرة والكوفة فسماعه جيد )) . فالحديث – على تقدير احتمال التدليس – بهذه المتابعة صحيح لا ريب في ذلك . ووصف السقاف لهذه الرواية بالشذوذ خطأ كبير ، وجهل واضح .
ثالثها : محاولته لإعلال هذه الرواية شعبة الناقصة . وهذا مخالف للقواعد الحديثية ، فإنما روى شعبة الشطر الأول من الحديث ، وتفرد الأعمش والمسعودى وهم الأكثر برواية الشطر الأول والشطر الثاني من الحديث ، والتفرد بالزيادة من الحافظ مقبولة ، فكيف إذا توبع ؟!!
رابعها : تحريفه لكلام أبي عبيدة حيث قال : (( لم نسمع هذا الأمر إلا في هذا الحديث )) . فقال السقاف : (الحافظ ابن الجوزى حكى عن أبي عبيدة أنه لا يعرف السبحات في لغة العرب ، أي لم يسمعها إلا في هذا الحديث ) .
قلت : وهذا تدليس واضح ، بل كذب على أبي عبيدة ، فكلام أبي عبيدة لا يقتضي المعنى الذي ذكره السقاف فإنه يحتمل أنه لم يسمع هذا اللفظ في الأحاديث التي سمعها إلا في هذا الحديث ، وهذا لا يدل بأي حال من الأحوال على ضعف الحديث أو شذوذ اللفظة ، أو أن هذه اللفظة ليست في كلام العرب . *وهو كقول أبي هريرة ? في الحديث الذي أخرجه البخاري في((صحيحه))(2/252): والله إن سمعت بالسكين إلا يومئذ وما كنا نقول إلا المدية .
——————————————————————————–
الجزء الثامن والعشرون
تشكيك السقاف في صحة نسبة بعض أحاديث مسند أحمد إليه
واتهامه الحنابلة بالدس في المسند
ومن بلايا هذا السخاف الطعن في دواوين السنة ، سواءً الصحاح أو المسند . فهذا هو مسند الإمام أحمد – وهو أحد الدواوين المشهورة في السنة – لم يسلم من طعن هذا السقاف المبتدع ، وكيف يسلم من تششكيكه ولم يسلم من بلاياه الصحيحان اللذان رد كثيراً من أحاديثهما مما تخالف عقيدته .
قال هذا الأفاك الأثيم في تعليقه على كتاب ابن الجوزى ( ص:18) عند الكلام على حديث : (( فضحك حتى بدت لهواته وأضراسه )) : ( هذه الزيادة المنكرة أنها من دس الحنابلة المجسمة ،لأنهم وخاصة رؤساؤهم متخصصون في الدس والوضع حتى في مسند الإمام أحمد بن حنبل الذي ينتسبون إليه كما سأذكر أحد براهين ذلك في فائدة خاصة آخر هذا التعليق ) . ثم قال : ( فائدة خاصة مهمة : ذكر الحافظ الذهبي في ((الميزان ))(2/624) والحافظ ابن حجر في (( لسان الميزان))(4/26: الهندية ) و(4/32دار الفكر ) ترجمة : عبد العزيز بن الحارث أبو الحسن التميمى الحنبلي ، وقالا فيها : (( من رؤساء الحنابلة ، وأكابر البغاددة ، إلا أنه آذى نفسه ووضع حديثاً أو حديثين في مسند الإمام أحمد . قال ابن رزقويه الحافظ : كتبوا عليه محضراً بما فعل ، كتب فيه الدار قطنى وغيره ، نسأل الله العافية والسلامة ) .
قلت : هذا إن كان قد حدث من أحد الحنابلة فلم يحدث من غيره ، وإلا لما توانى هذا السقاف الخبيث عن ذكره ، فكيف يصف الحنابلة بهذا الوصف العجيب القبيح ، ويعمم فيهم الاتهام . وكذلك فإن كان هذا حدث من عبد العزيز بن الحارث فإن أهل الحديث لم يقفوا مكتوفي الأيدي أما هذا الحدث الجلل ، بل سطروا محضراً أثبتوا فيه تهمة هذا الرجل ، وهذا كاف لتبرئة ساحتهم ، وإبراء ذمتهم . فكفى منك أيها السقاف طعناً في دواوين السنة وأمهات الكتب .
——————————————————————————–
الجزء التاسع والعشرون
نفى السقاف صفة الضحك عن الله عز وجل
و نسبة التأويل إلى الإمام البخاري والرد عليه في ذلك
قال السقاف في تعليقه على (( دفع شبه التشبيه ))(ص:179) تعليقاً على ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة ? مرفوعاً : (( يضحك الله من رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة )) : ( اعلم أن هذا الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه ورد عند النسائي (6/38برقم 3165) بلفظ : (( إن الله عز وجل يعجب من رجلين يقتل أحدهما صاحبه .. )) وإسناده صحيح ، ورواه ابن خزيمة كما في (( الجامع الكبير )) برقم (28615) للحافظ السيوطي ، ومنه تبين أننا لا نستطيع الجزم بواحد من اللفظين ) .
قلت : وهذا تدليس بين ، وتلبيس واضح . فلفظ الحديث عند النسائي : (( إن الله عز وجل يعجب من رجلين يقل أحدهما صاحبه )) . وقال مرة أخرى : (( ليضحك من رجلين يقتل أحدهما صاحبه ، ثم يدخلان الجنة)). وهذا اللفظ الأخير لم يذكره السقاف لئلا تنكشف حيلته في رد الحديث بهذا اللفظ ، وهذا الحديث رواه بلفظ : (( يضحك )) الإمام مالك في موطئه (2/460) عن أبي الزناد به . ومن طريقه البخاري ومسلم والنسائي . والحديث بالوجهين رواه النسائي ، قال أخبرنا محمد بن المنصور ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة به . وسفيان هو ابن عيينة ، وهو وإن كان دون مالك في التثبت والحفظ ، إلا أنه رواه على وجه يوافق ما رواه مالك ن ولو تفرد مالك بالوجه الأول لرجح لتقدمه في الحفظ والتثبت ، والله أعلم .
وأما الحديث الثاني :الذي رده السقاف المبتدع فهو حديث ابن مسعود ? الذي أخبر في عن النبي عليه السلام ، عن آخر رجل يدخل الجنة ، وضحكه عليه السلام ، فقيل : مم تضحك ؟ فقال : من ضحك رب العالمين حين قال : أتستهزئ مني . قال السقاف (ص: 178) : (وهي عندنا لا تثبت لأن راويها (( حماد بن سلمة )) ، ضعفه مشهور وإن كان من رجال مسلم ، وقد تحايده البخاري كما في (( الميزان )) وقد صح حديثه هذا في مسلم دون الزيادة التي ذكرناها هنا لمتابعة غيره له في الحديثين اللذين قبله في مسلم ، لاسيما والرواة قد اختلفوا في هذا اللفظ أو شكوا هل قال : أتسخر بي أو أتضحك بي كما في مسلم ) .
قلت : حماد بن سلمة ثقة رضي حافظ ، كما مر بيانه وذكره وهو حافظ مقدم في روايته عن ثابت البناني ، وهذا الحديث عند مسلم من روايته عن ثابت ، عن أنس ، عن ابن مسعود . قال ابن المديني – رحمه الله – : (( لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة )). ومثله عن الإمام أحمد . وقال ابن معين : (( من خالف حماد بن سلمه في ثابت فالقول قول حماد )) . فحديثه هذا حجة ، وقد احتج البخاري بروايته عن ثابت كما مر ذكره وتحقيقه ، خلافاً لما زعمه السقاف . وأما دعوى المخالفة التي ادعاها السقاف فواهية لأن الخبر الثاني الذي أعل به السقاف هذا الحديث من طريق آخر ، عن جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن ابن مسعود . وشك الراوي في اللفظ قد يكون سبباً في إعلال هذا الحرف إذا كان قد تفرد به على الشك ، أما إذا تابعه ثقة أحد اللفظين ، فهذا يدل دلالة قوية على ثبوت اللفظ المتابع عليه .
وبعد :فهذه طريقة أهل الزيغ والضلال في هدم الدين برد الأحاديث الثابتة ، والطعن في أحاديث الصحيحين ، مع أنه يكُثر من تأليب الناس على الشيخ الألباني بدعوى أنه يضعف بعض أحاديث الصحيحين .
وأما ما ادعاه السقاف من نسبة التأويل إلى الإمام البخاري – رحمه الله – وأنه أول الضحك بالرحمة فغير صحيح . قال السقاف (ص:179) : ( قال البيهقي هناك – ( أي في الأسماء والصفات ) – : روى الفربرى عن محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى أنه قال : معنى الضحك في الحديث الرحمة ) .
قلت : هذا ليس بدليل كاف على إثبات التأويل على الإمام البخاري فأين إسناده إلى الفربرى ، وأين هو من الصحيح ، فالفربرى من رواة الصحيح . ولقد استحضر ابن حجر – وهو منسوب إلى الأشعرية – عدم صحة نسبة هذا القول إلى الإمام البخاري ، فقال : في (( الفتح ))(8/513) : (( لم أر ذلك في النسخ النسخ التي وقعت لنا من البخاري )) . وابن حجر معتبر عند هذا السخاف ، فكيف لم يعرج على قوله هذا ، ويأخذ به كعادته فيما وافق مذهبه ؟!!
——————————————————————————–
الجزء الثلاثون
مراوغة السقاف في الإحتجاج بأحاديث الآحاد
ليرد أحاديث الصفات التى توافق معتقدة
وقد سلك السقاف مسلك أهل البدع المعروفين به لرد أحاديث الصفات التي لا توافق معتقداتهم الباطلة ، وذلك عن طريق الطعن في هذه الأحاديث بأنها أحاديث آحاد ، وهي – كما يدعون – ظنية الثبوت ، ويجل الله سبحانه عن أن تثبت له صفة من الصفات بخبر ظني !! .
? وهذه الطريقة كما قال أبو المظفر السمعاني : (( رأس شعب المبتدعة في رد الأخبار )) .
? بل التعبير عن ذلك بالظن واليقين هو من محدثات هؤلاء المبتدعة تدليساً عن إطلاق الأئمة المتقدمين وهو : ( إفادة العلم والعمل ) ، فإنهم لما زأوا أن الأئمة المتبوعين ، وأهل النظر والتحقيق منهم يثبتون ذلك بقولهم أن أحاديث الآحاد تفيد العلم والعمل جميعاً ، أى أنها يقينية الثبوت على إطلاق هؤلاء المبتدعة أرادوا طمس هذا الوصف القديم بالوصف المحدث تمويهاً منهم وتلبيساً ، كما فعل اللفظية حين أطلقوا قولهم البدعي (( لفظنا بالقرآن مخلوق )) بعد أن تصدى لهم أهل السنة فيما ادعوه صراحة من أبي القرآن الكريم مخلوق ، فجنحوا للقول الثاني تمويهاً وتعمية ، وكذلك هم فعلوا في أحاديث الآحاد .
? والذي عليه متقدمو أهل الحديث ، وأهل السنة الجماعية : أن حديث الواحد الصحيح الإسناد بنقل العدل الضابط عن مثله ، إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة يفيد العلم والعمل جميعاً ، أي أنه قطعي الثبوت – كما يعبر عنه
? ونقل ابن عبدالبر في (( التمهيد )) ( 1/8 ) هذا القول عن :
(( قوم كثير من أهل الأثر ، وبعض أهل النظر ، منهم الحسين الكرابيسى وغيره ، وذكر خواز بنداذ أن هذا القول يخرج على مذهب مالك )) .
? وإليه ذهب ابن حزم ، ونه أخذ ، ونقله عن داود الظاهري ، والحارث ابن أسد المحاسبي ، كما في كتابه (( الإحكام في أصول الأحكام )) ( 1 / 115 ) .
? وهو مذهب البخاري والشافعي .
فأما البخاري فأفرد له باباً من أبواب (( صحيحه )) ( 4 / 252 ) فقال : ( باب : ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام ) .
وأورد فيه أخباراً على ما ترجم له .
وأما الشافعي فقال في (( الرسالة )) ( ص401 ) :
(( الحجة في تثبيت خبر الواحد )) .
ثم ساق الأدلة على ذلك .
فلا حجة بعد ذلك فيما نقله ابن عبدالبر من أن الشافعي يذهب إلى إثبات العلم دون العمل لأحاديث الآحاد .
? ونقل أبو القاسم الأصبهاني في كتابه (( الحجة )) ( 2 / 214 ) عن الإمام أبي المظفر السمعاني قوله – في الرد على ما قال بأنه لا يفيد العلم والعمل – :
(( وهذا رأس شغب المبتدعة في رد الأخبار ، وطلب الدليل من النظر والإعتبار فنقول ، وبالله التوفيق :
إن الخبر إذا صح عن رسول الله ? ، ورواه الثقات والأئمة ، وأسنده خلفهم عن سلفهم إلى رسول الله ? ، وتلقته الأمة بالقبول : فإنه يوجب وتلقته الأمة بالقبول : فإنه يوجب العلم فيما سبيله العلم .
هذا قول عامة أهل الحديث والمتقنين على السنة ، وإنما هذا القول الذي يذكر أن خبر الواحد لا يفيد العلم بحال ، ولا بد من نقله بطريق التواتر لوقوع العلم به : شيء أخترعه القدرية والمعتزلة ، وكان قصدهم منه رد الأخبار ، وتلقفه منهم بعض الفقهاء الذين لم يكن لهم علم في العلم وقدم ثابت ، ولم يقفوا على مقصودهم من هذا القول ، ولو أنصفت الفرق من الأمة لأقروا بأن خبر الواحد يوجب العلم ، فإنهم تراهم مع أختلاف في طرائقهم وعقائدهم يستدل كل فريق منهم على صحة ما يذهب إليه بالخبر الواحد )) .
وقال : (( فإذا قلنا : إن خبر الواحد لا يجوز أن يوجب العلم ، حملنا أمر الأمة في نقل الأخبار على الخطأ ، وعلناهم لاغين ، مشتغلين بما لا يفيد أحداً شيئاً ، ولا ينفعه ، ويصير كأنهم قد دنوا في أمور مالا يجوز ارجوع إليه ، والاعتماد عليه ، وربما يرتقى هذا القول إلى أعظم من هذا ، فإن النبي ? أدى هذا الدين إلى الواحد فالواحد من أصحابه ، ليؤدوه إلى الأمة ، ونقلوا عنه ، فإذا لم يقبل قول الراوى لأنه واحد ، رجع هذا العيب إلى المودى ، نعوذ بالله من هذا القول الشنيع ، والاعتقاد القبيح )) .
وأما ما احتج به ذلك الخائب في مقدمته لكتاب ابن الجوزي من فعل بعض الصحابة في رد بعض الأخبار التى رواها غيرهم عن النبي ? فلا تدل بحال من الأحوال على ماذهب إليه من نفي ذلك .
? وإليك الجواب عن كل خبر من هذه الأخبار . قال السقاف ( ص : 33 ) من مقدمة (( دفع شبه التشبيه )) : تحت عنوان : (( رد الصحابة بعض أحاديث الآحاد الثابتة واستيثاقهم منها أحياناً أخرى )) . ( رد السيدة عائشة – رضي الله عنها وأرضاها – على سيدنا عمر – رضوان الله عليه – في حديث (( تعذيب الميت ببكاء أهله )) ) . وقال ( ص : 34 ) : ( ردت السيدة عائشة على من قال أو روى أن سيدنا محمد ? رأى ربه ، وهو ابن عباس – ? – وغيره ) . وقال ( ص : 35 ) : ( وردت السيدة عائشة ? على من قال : (( بال رسول الله ? قائماً )) ) . وذكر عدة أخبار مثلها .
? قلت : هذا لا يفيد بحال من الأحوال أم مارواه غيرها عن النبي ? ظني الثبوت عندها ، وإن ما رأته منه يقيني ، وإنما ردت ما ردت لسبب من الأسباب التالية :
أحدها : أن يكون ما سمعه الصحابي من النبي ? يقتضي العموم ، فيحدث به على هذا الوجه ، فيفيد حكماً شرعياً ، يخالفه ما سمعته هي عن النبي ? مما يفيد الخصوص كما في استدراكها على عمر بن الخطاب ? .
ثانيها : أن يخبر أحد الصحابة بخلاف هديه الظاهر لها ، ويكون هذا الهدي مما اطلعت عليه هي بخلاف ماروى هذا الصحابي ، كما في ردها على من حدث بأن النبي ? بال قائماً .
ثالثهما : أن يخبر أحد الصحابة بحال من أحوال النبي ? مما لم تطلع عليه هي رضي الله عنها – فتسدل عليه بعموم القرآن ، كما ورد في إثبات ابن عباس لرؤية النبي ? لربه ، ونفيها هي ذلك .
وهذا كله لا يثبت بحال من الأحوال أن أقوال الصحابة عندها ظنية الثبوت ولو كان كذلك لكانت أقوالها ظنية عند الصحابة ، ولردوا سنناً كثيرة لم يروها عن النبي ? غيرها ، سواء في العقائد أو في الأحكام .
ثم قال السقاف تعضيداً لكلامه الواهي المتقدم ( ص : 37 ) تحت عنوان : (( خبر الواحد يفيد الظن ولا يفيد العلم عند سيدنا أبي بكر الصديق ? )) : ( قال الحافظ الذهبي في (( تذكرة الحافظ )) ( 1 / 2 ) :
وكان أبو بكرأول من أحتاط في قبول الأخبار فروى ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورث ، فقال : ما أجد لك في كتاب الله شيئاً ، وما علمت أن رسول الله ? ذكر لك شيئاً ، ثم سأل الناس ، فقال المغيرة ، فقال : حضرت رسول الله ? يعطيها السدس ، فقال له : هل معك أحد ؟! فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك ، فأنفذه أبو بكر ? ) .
ثم قال السقاف في الحاشية عقب تخريج الحديث .
( وهو صحيح ) .
قلت : كذا قال ، وهو إما جهل بهذا العلم ، أو تجاهل وتدليس ، فإن هذا السند ضعيف لأنقطاعه ، فإ، قبيصة لا يصح سماعه من أبي بكر ، وكذا يستبعد أن يكون قد أدرك هذه الواقعة .
وقد استظهر الحافظ هذه العلة ، فقال :
(( إسناده صحيح لثقة رجاله ، وإلا أن صورته المرسل ، فإن قبيصة لا يصح سماعه من الصديق ، ولا يمكن شهوده القصة ، قاله ابن عبدالبر ، وقد أعله عبدالحق تبعاً لأبن حزم بالإنقطاع )) .
فهذا الخبر لا يدل على ماذكر لضعفه ، ولو صح فإنه لا يفيد الظن عنده وإنما هو من باب التثبت ، ولا يستطيع أحد أن يجزم برد الصديق لهذه السنة لو تفرد بروايتها المغيرة ، ولم يتابعه عليها أحد من الصحابة ، وكما يكثر السقاف من القول :
(( متى طرأ الاحتمال سقط الاستدلال )) .
ثم ، لو صح هذا الخبر ، فهل رواية الاثنين التواتر وتحقه كما أدعي هذا السخاف ؟!! .
وكذلك ، فهذه الأخبار واردة في الأحكام ، وليست في العقائد ، فهذا يلزم منه أيضاً أن لا نتعبد الله تعالى بشيء من الأخبار الآحاد ، وإنما يلزم أن نتعبده بالمتواتر ، فإن قال : نعم ، فقد خالف إجماع الأمة وخالف نفسه ، وإن قال : لا ، ردت عليه حجته ، وألزم بها .
ثم قال السقاف ( ص : 38 ) تحت عنوان : (( خبر الواحد يفيد الظن دون العلم عند سيدنا عمر ? أيضاً )) :
ثم ذكر ما رواه مسلم من واقعته مع ابي موسى الأشعري في الانصراف إذا لم يؤذن له في الثالثة ، وما رواه أبو موسى في ذلك عن النبي ? ،وكيف توعده عمر إذا لم يأت بمن يعضده ممن سمع نفس الحديث من الصحابة .
وليس في هذا غلا التثبت ، لأن عمر – ? – قد وقع معه خلاف ما سمع ، فأراد أن يرجع الصواب بالكثرة لتساوي المتعارضين في العدد .
قال الترمذي عقب إخراج هذا الحديث في (( الجامع )) ( 5 / 54 ) :
(( وإنما أنكر عمر عندنا على أبي موسى حيث روى عن النبي ? أنه قال : الاستئذان ثلاث ، فإذا أذن لك وإلا فارجع ، وقد كان عمر استأذن على النبي ? ثلاثاً فأذن له ، ولم يكن علم هذا الذي رواه أبو موسى عن النبي ? أنه قال : فإن أذن لك فإلا فارجع )) .
فالذي دفع عمر الإنكار الزيادة الأخيرة التي تخالف ماوقع له مع النبي ? ، وكذلك فللترهيب من التساهل في الرواية ، والحث على الاحتياط فيها .
قال الخطيب البغدادي – رحمه الله – في (( شرف أصحاب الحديث )) ( ص : 92 – 93 ) :
(( لم يطلب عمر من أبي موسى رجلاً يشهد معه هذا الحديث لأنه كان لا يرى قبول خبر الواحد العدل !! وكيف يقول ذلك ، وهو يقبل رواية عبدالرحمن بن عوف عن النبي ? في أخذ الجزية من المجوس ، ويعمل به ، ولم يروه غير عبدالرحمن ، وكذلك حديث الضحاك بن سفيان الكلابي في توريث أمرأة اشيم الضبابي من دية زوجها ، ولا فعل عمر ذلك لأنه كان يتهم أبا موسى في روايته ، لكن فعله على الوجه الذي بيناه من الاحتياط لحفظ السنن والترهيب في الرواية )) .
ثم قال السقاف ( ص : 39 ) تحت عنوان : (( خبر الواحد ينبغي التثبيت منه ولو كان راويه صحابياً ، ويفيد الظن عند الإمام علي ? )) :
( روى الإمام أحمد في (( المسند )) ( 1 / 10 ) بإسناد صحيح عن اسماء بن الحكم الفزاري ، قال سمعت علياً قال : كنت إذا سمعت من رسول الله ? حديثاً نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني غيري عنه استخلفه ، فإذا حلف لي صدقته ، وحدثني أبو بكر ، وصدق أبو بكر …. فذكر حديثاً مرفوعاً ) .
قال السقاف :
( لو كان خبر الواحد بفيد العلم ولا يفيد الظن لاكتفى سيدنا علي عليه السلام و ? الله عنه بسماع خبر الواحد ، ولما استخلفه ، لأنه باستخلافه يؤكد خبره ، أو يصرح الراوي بأنه غير متأكد من الخبر ….. ) .
? قلت : وقبل أن أجيب عن كلامه الواهي هذا ، أفطن القارئ الكريم وأنبهه إلى ذلك الحقد الشيعي ، بل الرافضي الخبيث الذي يكنه هذا المتهالك لجماعة صحابة رسول الله ? ، لا سيما معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص – ? – .
فأنظر إلى قوله الخبيث : (( خبر الواحد ينبغي التثبيت منه ولو كان راويه صحابياً ، ويفيد عند الإمام علي ? )) .
فهذا يحمل في طياته في عدالة الصحابة وحفظهم وأمانتهم ، فمن سلف هذا الطعان في البحث عن أحوال الصحابة وسبر مارووه عن النبي ? إلا الروافض الخبثاء ، وغلاة الشيعة اللئام .
? والجواب عن هذا الدليل الذي ذكره من وجهتين :
الأول : أن هذا الخبر مما استنكره ائمة الشأن كالبخاري والعقيلي ، ومن المتأخرين الحافظ ابن حجر.
فأما الإمام البخاري فأشار إلى إنكارته فقال في (( التاريخ الكبير )) ( 2 / 1 /54) : (( لم يتابع عليه ، وقد روي أصحاب النبي ? ، بعضهم عن بعض فلم يحلف بعضهم بعضاً )) .
وأما العقيلي ، فنقل في (( الضعفاء )) ( 1 / 107 ) كلام شيخه السابق ، ثم قال : (( وحدثني عبدالله بن الحسن ، وعن علي بن المديني ، قال : قد روى عثمان بن المغيرة أحاديث منكرة من حديث ابي عوانة )) .
كذا في الضعفاء ، والصواب : ( من حديث علي بن ربيعة ) كما في (( التهذيب )) .
قلت : لأن هذا الخبر من رواية عثمان بن المغيرة ، عن علي بن ربيعة الوالبي ، عن أسماء بن الحكم ، عن علي به .
وقد حاول الحافظ المزي أن يدافع عن هذا الخبر بمتابعات عدة ، فتعقبه الحافظ ابن الحجر في (( التهذيب )) ( 1 / 235 ) بقوله :
(( المتابعات التى ذكرها لا تشد هذا الحديث شيئاً لأنها ضعيفة جداً )) .
? قلت : وأسماء هذا لم يوثقه إلا العجلي وهو متساهل ، وأما البزار ، فقال : (( مجهول )) ، واستنكاره الأئمة لحديثه مما يوهن حاله ، خصوصاً إذا كان مقلاً جداً من الرواية .
والثاني : أنه لو صح هذا الحديث فليس بدليل على ما بوب له السقاف ، فإن الاستحلاف لا يفيد اليقين ، ولا يصح بأي حال من الأحوال أن يعدل بالمتابعة وتكثير الطرق ، وإنما الاستحلاف للترهيب من الرواية ، والتشديد على من تساهل فيها ، ثم إن علياً ? قبل الرواية من أبي بكر الصديق ? ولم يستحلفه ، فهذا خارم لما ادعاه السقاف ، وكذب السقاف فيما ادعاه .
? وأخيراً : أقول للسقاف رداً على ما ادعاه من أن الآثار المتقدمة تفيد الحكم بالظن عند الصحابة على أحاديث الآحاد : إن معظم هذه الآثار التى توقف فيها الصحابة – على حد زعمك الواهي عن قبولها ، لأنها من طريق الآحاد هي ما وردت في العبادات والأحكام ، لا في أبواب الاعتقاد ، فيلزمك على هذا أن ترد أخبار الآحاد أيضاً في أبواب الأحكام والعبادات ، لا في أبواب الصفات والعقائد ، وهذا يخالف ماذكرته من أن الآحاد إنما يحتج بها في الأحكام دون العقائد!! .
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=1719