Beda Aqidah Asy’ariyah dan Aqidah Thahawiyah

Posted: May 30, 2010 in Asy'ariyah
س : ما الفرق بين الأشعريّة و الطحاويّة ؟

جواب : بسم الله الرحمن الرحيم ، و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و آله و صحبه و بعد ؛ فإن هذا السؤال يحتاج قبل الجواب عنه إلى تصحيحه حيث لا توجد مقابلة بين الطحاوية و الأشعريّة حتى تذكر الفروق بينهما ! و لكن إن كان السؤال عن الفرق بين العقيدة الطحاوية و العقيدة الأشعريّة فإنه أيضاً لا توجد بينهما مقابلة لأن العقيدة الطحاوية هي متن (كتاب) في العقيدة و الأشعرية فرقة من فرق أهل الكلام من متكلمة الصفاتية كما سيأتي بيانه إن شاء الله . و تفصيل الجواب باختصار :

§ العقيدة الطحاويّة : هي متن أو كتاب مختصر في العقيدة كتبه الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي . و الأزدي نسبة إلى الأزد من قبائل العرب من قحطان و الطجاوي نسبة إلى “طحا” قرية في صعيد مصر . ولد سنة 239 هـ و توفي 321 هـ . قال عنه الحافظ ابن كثير : ” الفقيه الحنفي صاحب التصانيف المفيدة و الفوائد الغزيرة و هو أحد الثقات الأثبات و الحفاظ الجهابذة “. و من هذه المصنفات رسالة مختصرة في العقيدة و قد نسبت هذه الرسالة إلى مؤلفها فقيل : العقيدة الطحاويّة . و هذه الرسالة تحرّى فيها مؤلّفها ذكر مذهب أهل السنّة و الجماعة كما قال في مطلعها :”هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنّة و الجماعة على مذهب فقهاء الملّة ..” . و قد تضمّنت بالفعل أكثر مسائل الاعتقاد و أهمها و إن خلت من ذكر مسائل توحيد الإلهيّة و مباحث الشرك و هو من أهم مباحث العقيدة و كذلك مسألة البدعة و أحكامها و حجيّة أخبار الآحاد في العقيدة و غير ذلك من المسائل و مع ذلك فهي بحق من أجمع ما كتب في هذا الباب . و لا تخلو الرسالة من بعض الملاحظات و التي لم يوفق فيها المؤلف إلى إصابة الحق في تقريرها و هي قليلة –و لله الحمد- في بعض مسائل الإيمان و إطلاق بعض الاصطلاحات المحدثة في حق الله نفياً أو إثباتاً ، و على كل حال فالرسالة نافعة و قد جعل الله لها قبولاً عند العلماء و شرحها عدد كبير من الشرّاح أو علّق عليها و أحسن هذه الشروح و أوسعها انتشاراً شرح الإمام ابن أبي العز الحنفي رحمه الله . و قد شرحها عدد من علماء الكلام شرحاً على خلاف مذهب أهل السنّة فليحذر من هذا !

و المراد أن العقيدة الطحاوية رسالة تضمّنت ذكر عقيدة أهل السنّة و الجماعة في أبواب الصفات و القدر و الإيمان و الغيبيّات من الملائكة و حياة البرزخ و علامات الساعة و اليوم الآخر و الشفاعة و الرؤية و العرش و الجنّة و النار و مباحث الإمامة و الجماعة و لزوم السنة و ذم الكلام و أهله و غير ذلك من مباحث مهمة و نافعة جزى الله خيراً كاتبها و شارحها و دارسها .

فهذا ما يتعلّق بالعقيدة الطحاوية و بيانها .

§ أمّا الأشعريّة فهي فرقة من الفرق التي ظهرت في أواخر القرن الثالث الهجري و قد ظهرت في مقابل المعتزلة الذين شاع سوطهم في هذه الفترة و في حقيقة الأمر لقد كان ظهورهم في مقابل المعتزلة من باب ردِّ البدعة بالبدعة ، و لعل من أهم أسباب انتشار مذهبهم هو كونه ظهر كمذهب يعارض مذهب المعتزلة مما غرّ به كثير من الناس بل و المنتسبين للعلم . و الحديث عن مذهب الأشاعرة طويل و لكن أشير إلى ثلاثة مسائل فقط :

1. أسماء هذه الفرقة و نسبتهم :

هذه الفرقة اشتهرت باسم الأشاعرة نسبة إلى الإمام أبي الحسن الأشعري علي بن إسماعيل (250- 330 هـ)و لقد كان إماماّ فذّاً واسع الاطلاع و المعرفة متعدد الفنون و لهذا ادعت المالكية انه مالكي و الشافعية أنه شافعي و الحنفية أنه حنفي !و لقد كان في أول أمره على مذهب المعتزلة و لكنه رجع عنه و انتسب إلى مذهب ابن كلاّب (عبد الله بن سعيد ) و عقيدته هي مزيج من عقائد المعتزلة و أهل السنّة و لذا قال عنه الذهبي :” صاحب التصانيف في الرد على المعتزلة و ربما وافقهم ” ! و لكن الأمر لم يستقر بأبي الحسن الأشعري عند هذه المرحلة بل عقبتها مرحلة ثالثة في حياته و هي رجوعه إلى مذهب الإمام أحمد و دلّ على هذا ما تراه جليّا في كتاب “الإبانة عن أصول الديانة” و ترى مذهب أهل السنة جلياً أيضاً في رسالته “رسالة إلى أهل الثغر”. و عند هذه الحقيقة يتبين أن انتساب هذه الفرقة إلى الأشعري انتساب باطل غير مقبول لنهم ينتسبون إلى المرحلة الثانية من حياته و لا يتابعون ما قرره في آخر حياته من مذهب السلف الصالح فانتسابهم إليه كنسبته إلى الاعتزال كلتاهما مرحلتان من حياته رجع عنها ، و مما يجب التنبيه عليه أن مذهب الأشعرية مرّ بمراحل كغيره من المذاهب و الفرق كان آخرها ما قرره الرازي و غيره من علماء الكلام و هو مذهب أقرب إلى مذهب المعتزلة و ليس حتى على طريقة ابن كلاب و الأشعري في المرحلة الثانية من حياته فمتأخري الأشاعرة من الغزالي و الرازي و أبو منصور البغدادي و الجويني و الآمدي فضلاً عن التفتزاني و غيرهم فهم ينكرون الصفات الخبرية و علو الله على خلقه بخلاف متقدّمي الأشاعرة كأبي الحسن في مرحلة متابعته لابن كلاّب و البيهقي و نحوهما ممن أثبت عامة الصفات الخبريّة و علو الله و استواءه على عرشه .

و يطلق عليهم أيضاً متكلّمة الصفاتية لكونهم أثبتوا بعض الصفات و تأولوا الأكثر منها و خاضوا فيها بالكلام المذموم على طريقة الفلاسفة . و يطلق عليهم أيضاً “السبعيّة ” لكونهم أثبتوا سبع صفات و تأولوا الباقي من الصفات الإلهيّة . و قد أطلق عليهم الأئمة المتقدمون اسم الجهميّة أيضاً لأنهم سلكوا مذهب الجهم في نفي الصفات و وافقوه في قولهم في القدر و كذلك في الإيمان كما سيأتي الإشارة إليه .

2. أشهر رجالات هذه الفرقة و مصنفاتهم .

لقد انتسب إلى مذهب الأشاعرة جماعة من المشاهير من المنتسبين إلى العلم و هم متفاوتون فيما بينهم قرباً و بعدا من السنّة و لعلي أشير فقط إلى أساطين هذا المذهب و من كان لهم دور في تأسيسه و نشره و من هؤلاء : أبو بكر الباقلاني (403هـ) و أبو بكر محمد بن الطيب (423هـ) ، و أبو الحسن الطبري ، و أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458هـ) و هؤلاء أثبتوا عامة الصفات ثم تلاهم جماعة من علماء الأشاعرة نَحَوْ بالمذهب إلى جهة الاعتزال كمثل سيف الدين الآمدي و أبو المعالي الجويني (478هـ) و أبو حامد الغزالي (505هـ) و أبو الفتح محمد بن أبي القاسم الشهرستاني (548هـ) و أبو عبد الله محمد الرازي الملقب بفخر الدين و البيضاوي صاحب التفسير (701هـ) و تاج الدين السبكي و الشريف الجرجاني (816هـ) و التفتزاني و السنوسي و غيرهم كثير من علماء الأشاعرة .

و من أشهر مصنفاتهم في هذا الباب : الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي ، و العقائد النسفيّة و شرحها للنسفي و التفتزاني ، و لمع الأدلة للجويني ، و تمهيد الأوائل و تلخيص الدلائل للباقلاني ، و أساس التقديس و المسائل الخمسون للرازي ، و أصول الدين لأبي منصور البغدادي ، المواقف في علم الكلام للإيجي ، و جوهرة التوحيد للقاني و شرحها للباجوري و غير ذلك من المصنفات الكثيرة في تقرير عقائد الأشعريّة و لهم مصنفات كثيرة في التفسير و شروح الحديث و النحو مملوءة بعقائدهم .

3- أهم مسائل العقيدة التي خالفوا فيها أهل السنة :

1. اعتبروا أن غاية التوحيد و معنى شهادة أن لا إله إلا الله إثبات توحيد الربوبيّة !

2. اختلفوا في أول واجب على المكلّف هل هو النظر العقلي أو الشك في وجود الله !

3. لا يكاد يوجد لتوحيد العبادة و التحذير من الشرك ذكر في مصنفاتهم على كثرتها .

4. معنى الإله عندهم هو القادر على الاختراع كما قاله الأشعري أو من تحيرت فيه العقول !

5. إثبات سبع صفات لله و هي : الإرادة و القدرة و العلم و الحياة و السمع و البصر و الكلام النفسي ! و قاموا بتأويل سائر الصفات و نفيها عن الله .

6. نفوا علو الله على خلقه و استواءه على عرشه ، و قالوا ليس بداخل العالم و لا خارجه و لا فوقه و لا تحته و لا محايث له و لا متصل به و لا منفصل عنه !!

7. قالوا بأن القرآن لفظه من الرسول البشري (محمد صلى الله عليه و سلم) أو الملكي (جبريل) !

8. قالوا برد أخبار الآحاد في العقيدة .

9. قالوا بتقديم العقل على النصوص الشرعية و تأويلها أو نفيها إذا عارضت معقولهم.

10. قالوا بأن العبد في حقيقته مجبر على أفعاله غير مختار لها و إن كانت صورته صورة مختار فقالوا بقول الجهم في القدر و لكنهم أسموه بالكسب و لهم اكثر من مائة قول في تعريفه و قد قيل :

ممـا يقـال و لا حقيقة تحته معقـولة تدنوا إلى الأذهـان

الكسب عند الأشعري والحال عنـد البهشمي و طفرة النظّام

11. قالوا بنفي الأسباب و أن الأسباب غير مؤثرة بنفسها فالنار لا تحرق و السكين لا تقطع و لكن الإحراق و القطع يحصل عندهما !!!!

12. نفوا أن تكون أقدار الله و أفعاله عن حكمة بل عن محض مشيئة مجرّدة !

13. قالوا بأن الإيمان تصديق القلب و إقرار اللسان و أخرجوا العمل من مسمّاه كما هو قول الجهم و مذهب المرجئة .

14. خالفوا مذهب السلف في مسألة التحسين و التقبيح فنفوا أن يكون للعقل أو الفطر دور في هذا الباب بل محض الشرع و جوزوا أن يأتي الشرع بما تستقبحه الفطر و العقول !!

15. خالفوا مذهب السلف في باب النبوات و المعجزات و الفرق بينها و بين خوارق العادات و فعل السحرة و الكهان مما فتح الباب للملاحدة للطعن في الدين .

16. جعلوا من أصول مذهب التأويل و هو صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى غير ظاهر و حرّفوا النصوص بتأويلها أو ادعاء المجاز فيها و هو صرف اللفظ عن حقيقته إلى معنى آخر غير مراد كل ذلك بدون دليل يوجب صرف اللفظ عن حقيقته أو ظاهره .

17. قالوا بأن مذهب السلف أسلم و مذهب الخلف أعلم و أحكم !

و الحديث عن مخالفتهم لمذهب أهل السنة طويل و لا ريب أن هذه الفرقة من الفرق الضالة التي لا يجوز الانتساب إليها بما قد تقرر من ذكر هذه العقائد الفاسدة و قد قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله “قول الإمام مالك لا تجوز شهادة أهل البدع و أهل الأهواء . أهل الأهواء عند مالك و سائر أصحابنا هم أهل الكلام ، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء و البدع أشعرياً كان أو غير أشعري و لا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً و يهجر و يؤدّب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب “. (جامع بيان العلم و فضله 2/96) و قد استوعب أهل العلم قديماً و حديثاً الكلام عن عقائد القوم و بيان حقيقة مذهبهم و من أشهرهم الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية في عامّة مصنفاته لا سيما “درء التعارض “و “الرسالة التدمرية” و “الصفديّة “و “شرح الأصفهانيّة” و “شرح حديث النزول” و غيرها من المصنفات النافعة و كذلك تلميذه ابن القيم لا سيما في كتابه “الصواعق المرسلة” و يمكن مراجعة “مختصر الصواعق” للموصلي و من أحسن المصنفات و أقربها في هذا الباب رسالة الشيخ د. سفر الحوالي “منهج الأشاعرة في العقيدة” ، و رسالة الشيخ د. عبد الرحمن المحمود ” جهود شيخ الإسلام في الرد على الأشاعرة ” رسالة دكتوراه مقدمة بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض . كما يمكن الرجوع إلى كتاب “فرق معاصرة تنتمي للإسلام” للشيخ د. غالب عواجي ، ….

و بهذا البيان المفصّل أرجو أن يتضح للسائل المراد بفرقة الأشاعرة و مخالفة عقيدتهم لما جاء في رسالة الإمام الطحاوي في العقيدة و المسمّاة بالعقيدة الطحاوية . و نسأل الله للجميع الهداية و التوفيق و أن يمسّكنا بالكتاب و السنّة و هدي سلف الأمّة حتى نلقاه و صلى الله و سلم على محمد

Comments are closed.